الأزمة.. والحل السياسي المطلوب؟
أكرم فرحة أكرم فرحة

الأزمة.. والحل السياسي المطلوب؟

أفضل ما يمكن أن نبني عليه حول مفهوم السياسة و مضمونها و أهدافها هو تعريف لينين: (إن السياسة تعبير مكثف عن  الاقتصاد) و جوهر الاقتصاد هو شكل ملكية وسائل إنتاج الثروة و شكل توزيع هذه الثروة و بالتالي السياسة يجب أن تعبر عن مصالح اجتماعية – اقتصادية محددة.

لذلك الصراع الحقيقي بين الطبقات يدور حول امتلاك الثروة و هي بدورها تستدعي امتلاك السلطة وامتلاك الحقيقة و امتلاك الإعلام لكي تؤثر تلك الطبقة على وعي المجتمع و تجعله يدور في فلكها بشكل أو بآخر مانعة إياه من تحطيم قيوده و الخلاص من استغلالها له.
ولو تصورنا افتراضيا أن الإنسان لا يحتاج لطعام و لباس و سكن و دواء و غير ذلك من المستحقات الإنسانية اللازمة لاستمرار العيش فكيف يتشكل الصراع بين البشر وعلى ماذا يتنازعون ؟!
ضمن هذا الإطار تتراءى لنا رؤوس لمثلث متساوي الأضلاع وهي:

الدولة – المجتمع – ضمير المجتمع (الأحزاب) فعلى الدولة خدمة المجتمع بكل ما يلزمه من احتياجات لواقعه و مستقبله بشكل عادل وإنساني ولكن في سياق إدارة الصراع يقوم جهاز الدولة (كونه أرضية خصبة للفساد والإفساد) بشراء  ضمير المجتمع (الأحزاب) عبر داء الامتيازات المادية و المعنوية فيضعف جهاز مراقبة و محاسبة الدولة وتبدأ معاناة الجماهير من شدة الفقر و البطالة والجهل مما يضطر المجتمع لتلمس طريقه في البحث عن الأحزاب الممثلة لمصالحه ومستقبله وفق برامج سياسية كفيلة بإخراجه من النفق المظلم و العودة للحياة السياسية الصحيحة التي تؤمن حياة أفضل  ركيزتها الأساسية كرامة الوطن والمواطن.
طيلة سنوات الأزمة السورية لم تنجح شعارات و ممارسات أوهام الحسم والإسقاط و التي دفع ثمنها ولا يزال المواطن السوري من دمه و لقمة عيشه و مستقبل أبنائه. لذلك سيأتي الحل السياسي عاجلا أم آجلا فارضا علينا مجموعة من الحوارات و التساؤلات  حول أي حل سياسي يناسب  سورية والذي يتوقف عليه إخراج البلاد من أزمتها الوطنية العميقة و المتفاقمة و منع تفتيت البلد أرضا و شعبا ونقل الصراع في سورية من شكله العسكري الميداني البحت إلى  شكله السياسي وفق برامج سياسية تعمل على التغيير الوطني الديمقراطي الجذري و العميق و الشامل و الذي يحافظ على وحدة سورية أرضا و شعبا حيث تندمج المهام السياسية الديمقراطية الوطنية العامة مع المهام الاقتصادية – الاجتماعية اندماجا عميقا .
إن البرنامج الذي يعبر عن حاجات الواقع الموضوعي في سورية، يرتكز على ثلاثة جوانب متكاملة:
أولا: في الجانب الوطني
• انتقال سورية من حالة الممانعة إلى حالة المقاومة وصولا لتحرير الأراضي المحتلة.
• اعتماد خيار المقاومة الشعبية الشاملة والمسلحة كخيار وحيد.
ثانيا: الجانب الاقتصادي - الاجتماعي
• نموذج اقتصادي يقطع نهائيا الليبرالية الاقتصادية
• تحقيق أعمق عدالة اجتماعية لأعلى نمو اقتصادي.
• التوجه شرقا و قطع العلاقات الاقتصادية  مع الغرب الاستعماري .
• حل مشكلات الفقر و البطالة القديمة والمستجدة .
• تمويل عملية الإعمار من قاعدة ((أفضل القروض هي أقلها سوءا ))
• ربط الأجور بالأسعار و تعديل الأجور بشكل دوري.
• وضع حد لحيتان الفساد الكبير الذين أوقفوا النمو الحقيقي. 
ثالثا الجانب الديموقراطي
• نظام رئاسي برلماني تتوزع فيه الصلاحيات بين مؤسسة الرئاسة من جهة والحكومة من جهة أخرى.
• دستور جيد يؤمن متطلبات الوضع الجديد و يكرس فصلا حقيقيا  بين السلطات .
• قانون انتخابات برلماني نسبي و سورية دائرة انتخابية واحدة.
• ضمان حرية العمل السياسي و النقابي والعمالي بما يضمن حق التظاهر و الإضراب بأوسع أشكاله ووضع جهاز الدولة تحت الرقابة الشعبية الدائمة.
• إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية و إعطاء الحكومة حق مراقبتها و محاسبتها عبر القضاء المستقل.
• ضمان حقوق التفكير و التعبير و إيقاف كل أشكال القمع و الاعتقال التعسفي.
• قانون إعلام يضمن حرية  تعبير التيارات الوطنية المختلفة عن نفسها .
• صياغة قانون جديد يضمن مساواة حقيقية بين الرجل و المرأة.
فإن ما يجب أن يكون محسوماً و متفقا عليه بين جميع المتحاورين المستقلين أن يكون  شكل توزيع الثروة الوطنية و تحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع تلك الثروة هو الذي يقرر التفاف الجماهير الكادحة حول ذلك النظام السياسي المنتظر و يقرر أيضا مدى و شدة دفاع الجماهير عنه. فالصراع يبدأ من البعد الاقتصادي الاجتماعي و يتجسد في نهاية المطاف بالبعد الوطني العام لذلك الصراع الحقيقي يبدأ حيث خبز الناس.