فرصة جديدة تلوح في الأفق!

فرصة جديدة تلوح في الأفق!

تصاعد النشاط الدبلوماسي خلال الأسبوع الماضي باتجاه إعادة فتح ملف الحل السياسي في سورية، وتناقلت وسائل الإعلام أحاديث مختلفة عن مبادرة روسية بهذا الصدد.
وإن كان طريق الحل السياسي ليس غريباً عن النهج الروسي، فإنّ توقيت العمل على إعادة الملف إلى الطاولة مجدداً، يحمل أهمية خاصة، ينبغي الوقوف عندها واستثمارها من وجهة نظر المصلحة الوطنية السورية. إذ أن إعادة طرح ملف الحل السياسي للأزمة

السورية مجدداً وبشكل جدي يأتي في ظل ارتباك تحالف واشنطن وعجزه عن أداء المهمة التي وضعها لنفسه وفي وقت أخذ هذا التحالف العدواني مداه الأقصى في انكشاف نواياه وأغراضه حتى بالنسبة لأولئك الغافلين عن تلك النوايا، وذلك في امتحان «عين العرب- كوباني» بشكل أساسي، إضافةً إلى جملة وقائع ميدانية مختلفة في العراق وفي سورية أظهرت تواطؤ الأمريكي المباشر مع «داعش».
إنّ من شأن الذهاب إلى حل سياسي قريب أن يساعد في تقويض التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وجرّها إلى مجلس الأمن وإلى أطر المجتمع الدولي، التي تفلّتت منها بتحالفها غير الشرعي، بما يعني لجم محاولاتها المستميتة لشرعنة التدخل العسكري المباشر في سورية، وبما يفتح الباب باتجاه تطويق عدوانها وحلفائها، غير المباشر والمستمر منذ أعوام، وقطع الطريق نهائياً على محاولات نقله إلى الشكل المباشر.
كما أنّ من شأن الحل السياسي أيضاً وضع «أولوية مكافحة الإرهاب» موضع التنفيذ الفعلي، خارج الحلقة الأمريكية المفرغة والكاذبة، لأنّ الحل السياسي يعني بأحد جوانبه تجميع السوريين وتوحيدهم في وجه الإرهاب، وهم الذين أثبتوا في معركة «عين العرب- كوباني» وفي مواجهات دير الزور قبلاً، أنّهم مستعدون وقادرون على دحر «داعش» وأمثاله، ليس فقط دون «المساعدة» المزعومة من واشنطن، بل على الرغم من المساعدة الفعلية التي تقدمها الأدوات الأمريكية لتنظيم «داعش» وأمثاله.
إنّ عمل أصدقاء سورية الحقيقيين باتجاه الحل السياسي في طوره الراهن، هو فرصة ينبغي الاستفادة منها والبناء عليها، ولا يجوز إضافتها إلى جملة الفرص الضائعة المتراكمة. فإذا كان تأخير «جنيف 2» قد أوصل سورية إلى وضع شديد السوء في حينه، فإنّ عدم استكماله أوصلها اليوم إلى ما هو أسوأ بكثير مما كانت عليه في الشهر الأول من العام الجاري. وإنّ تفويت الفرصة الراهنة لا يعني زيادة كم الكوارث السورية متعددة الأوجه والأنواع، بل ويحمل أخطاراً نوعية جديدة تمس وجود الدولة السورية ووجود الشعب السوري.
وفي هذا السياق، يعد قول بعض أوساط الموالاة المتشددة في سورية، بعدم جدوى الحل السياسي، انطلاقاً من «عدم وجود قوى سياسية جدّية للحوار معها»، ترفاً لا مكان واقعياً له. فإضافة إلى عدم صحة هذا القول، فإنه يطرح أسئلة جدية من نوع آخر.. إذا لم يكن هؤلاء يريدون حواراً مع القوى والمكونات السياسية فمع أية قوى أو «مكونات» يريدون الحوار؟ وهل ينسجم طرح كهذا مع «السيادة الوطنية»؟
في جميع الأحوال، فإنّ على الوطنيين أينما وجدوا، في النظام أم في المعارضة أم في المجتمع، الضغط باتجاه الحل السياسي، والعمل للاستفادة القصوى من الفرصة التي تلوح في الأفق لتثبيتها على أرض الواقع، بما يحفظ الشعب السوري والدولة السورية في مواجهة واشنطن وحلفائها، الأعداء الحقيقيين للشعب السوري!