قناة العالم: سورية.. بين حوار الداخل وعنف الخارج!

قناة العالم: سورية.. بين حوار الداخل وعنف الخارج!

مداخلة للدكتور قدري جميل في لقاء على قناة العالم حول زيارة وفد المعارضة الوطنية في الداخل إلى موسكو

ـ كيف كان انطباعك عن زيارة موسكو، وما النتائج التي تحققت؟

 وصل وفد المعارضة الوطنية الداخلية إلى موسكو حيث التقى مع رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الاتحادي الروسي، وبعده بيوم جرى لقاء لا سابق له بين وفد المعارضة الوطنية في الداخل مع نائب وزير الخارجية الروسي السيد بكدانوف في مقر وزارة الخارجية الروسية، وهنا أريد أن ألفت نظركم إلى أن وزارة الخارجية الروسية أصدرت بياناً مساء الثلاثاء (11 تشرين الأول) حول اللقاء مع وفد المعارضة، وهذا الأمر بحد ذاته يعبر عن أهمية اللقاء الذي جرى. وقد تمحور اللقاءان الأول والثاني حول الوضع في المنطقة وحول الوضع في سورية، وأستطيع القول إنه تم الاتفاق على نقطتين على الأقل؛ الأولى هي أهمية عدم التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية السورية، وقد شكر وفد المعارضة الوطنية السورية بشكل واضح وصريح الجانب الروسي على موقفه في مجلس الأمن، واعتبرنا أن هذا الموقف بحد ذاته هو الذي يؤمن الحماية للمدنيين، لأننا رأينا في الماضي القريب الصور الملموسة لحماية المدنيين التي أقرها مجلس الأمن بحق ليبيا مثلاً، حيث نرى أن عدد الضحايا في ليبيا تجاوز 60 ألف قتيل، ونحو مليون مشرد، ونعتقد كما أشرنا للجانب الروسي أن هذا الفيتو الروسي- الصيني يؤمن الظروف الموضوعية المؤاتية لإيجاد حل سلمي للأزمة الوطنية العميقة الشاملة التي تعيشها البلاد منذ سبعة أشهر، ولا يمكن أصلاً إجراء حوار في ظروف قصف جوي وفي ظروف تدخل خارجي، ونعتقد أن الأطراف المتنازعة في سورية إن كان حركة شعبية وإن كان نظام وإن كان أحزاب وطنية معارضة، قد توفر لها المناخ الملائم لكي تبدأ بالحوار، وبقي الأمر عليها وهي تتحمل مسؤولية الخطوات اللاحقة، إن الوقت قد حان لكي يلتفت السوريون جدياً إلى حل الأزمة.

 ـ تحدث الروس عن طاولة مستديرة قد تستضيفها موسكو من أجل الحوار، هل جرى النقاش حول مكان هذا الحوار وزمانه مع الروس؟

 الحقيقة إن النقاش قد جرى حول أهمية الحوار، وقد لفت وفدنا النظر إلى أن البدء بالحوار الوطني الشامل يتطلب مناخاً مناسباً، وهذا المناخ يتطلب وجود آليات لتنفيذه، وقد لفتنا النظر إلى أن أحسن الآليات لإيجاد المناخ المناسب للحوار القادم هو تنفيذ مقررات اللقاء التشاوري الأول التي تحوي 18 بنداً، وصحيح أن أحداً ما من النظام قد يقول إنهم نفذوا بعض البنود ولكن هناك بنود لم تنفذ وهي التي نعول عليها تحديداً لتأمين المناخ المناسب بوجود أكبر عدد ممكن من أطياف المجتمع السوري على طاولة الحوار. اسمح لي أن أقول إن الوضع لا يتحمل الإبطاء في مسيرة الإصلاحات العميقة، فالوتيرة التي تجري بها الإصلاحات حتى هذه اللحظة لا ترضينا.

ـ سمعنا عن مشروع قرار قريب بإنشاء هيئة لتغيير الدستور، وسمعنا أنه سيكون هناك نوع من تعديل للقوانين التي تسمح لحزب البعث بالتعايش مع قانون الأحزاب الذي يشير للتعددية الحزبية، هل مثل هذه القرارات أو المواقف ترضيكم كمعارضة للبدء بحوار؟

 تشكيل لجنة لتغيير الدستور هو أمر إيجابي، وهذا يعكس الرغبة بتنفيذ المادة 18 من التوصيات التي أقرها اللقاء التشاوري، وأعتقد أن يأتي التنفيذ متأخراً خير من ألاّ يأتي أبداً، وطالما تم تشكيل اللجنة فهذا شيء جيد جداً ولو أن التبكير بها كان أفضل. وفي الأمور المتعلقة بحزب البعث فهي أموره الداخلية يبحثها بنفسه ولا علاقة لنا بها.

 ـ ماذا تنتظرون الآن للبدء بالحوار، دعوة الحكومة أم ربما مبادرة روسية لإيجاد نوع أو تحديد موعد للبدء فيه، على ماذا تعولون؟

 حول الدور الروسي أقول إن الروس أصدقاء الشعب السوري وأصدقاء الحكومة، وهذه العلاقة عمرها عشرات السنين، ويمكن للروس أن يلعبوا دوراً إيجابياً في التقريب بين مختلف الأطراف السورية، فيمكن أن يقدموا النصيحة والمشورة والمساعدة، ولكن إلى الآن دعني أقل إن الأطراف التي يجب أن تدخل على طاولة الحوار في سورية لم تقرر بعد أن يأتي وسيط لكي يتوسط بينها مباشرةً، ولكن هذا لا يمنع أن كل الأطراف الصديقة الروسية والصينية والإيرانية وغيرها يمكنها أن تساعد في تقريب وجهات النظر من خلال علاقاتها الثنائية مع الجميع.

 ـ أي أنتم تقبلون بوساطة خارجية من روسيا أو من الصين أو من إيران؟

 لا أعرف على وجه الدقة بماذا يمكنك تسميتها، هل الوساطة تسمية صحيحة في الطريقة التي ستتبع للنقاش مع مختلف أطراف المعارضة؟ ولكن مادام هناك مشكلة تتطلب إطفاء، فليس لدينا مانع لجهة أي طرف صديق نثق به تاريخياً أن يتدخل لتقريب وجهات النظر، ولكن دعني ألفت إلى أن جلوس الجميع على طاولة طرف آخر هو قضية لم تبحث بعد، وصحيح أن هناك تلميحاً في بيان الخارجية الروسية حول هذه الإمكانية ولكن هذه القضية سنبحثها لاحقاً.

إن النقطة المهمة التي يجب التأكيد عليها هي أن الحوار يجب أن يكون حواراً حقيقياً وليس تظاهراً بالحوار، ولكي أقتنع بأن الحوار حقيقي وجدي فيجب أن يجري هذا الحوار بين أطراف ندية، مع الاحترام للجميع الذين سيجلسون على طاولة الحوار، ودعني ألفت إلى أن اللقاء التشاوري كان ناقصاً ولكن نحن في الجبهة الشعبية مع حلفائنا الموجودين فيها ذهبنا إلى هذا اللقاء علّه يكون الخطوة التي تبدأ طريق الألف ميل، وقلنا في اللقاء إن الذين لم يأتوا من المعارضة إلى هذا اللقاء نعتبرهم أجلوا حضورهم إلى الدورات القادمة والحلقات القادمة من الحوار، وأعتقد أن الحوار القادم المركزي الشامل لكي يكون ناجحاً يجب أن تتوفر فيه جملة من الشروط، إذ يجب أن تنفذ كل بنود اللقاء التشاوري الثمانية عشر، وبينها هناك بندان شديدا الأهمية لهما علاقة بإطلاق سراح جميع المعتقلين على خلفية الأحداث الذين لم يرتكبوا جرائم جنائية، وبند حول إيقاف استخدام العنف من قبل جميع الأطراف، ثم هناك أطراف وطنية في المعارضة تمتنع حتى الآن عن حضور الحوار ونحن لا نوافقها على هذا الرأي، ولكن أرى أنه لابد من بذل الجهود لجلبها وإقناعها بأن تأتي إلى طاولة الحوار، ومنها هيئة التنسيق للتغيير الديمقراطي التي في حال غابت عن طاولة الحوار ستكون هذه الطاولة ناقصة، وهناك أيضاً طرف أساسي يجب أن يجلس على الطاولة إلى جانب النظام والمعارضة هو ممثلو الحركة الشعبية نفسها.