د.قدري جميل: في سورية لا توجد معركة طائفية.. لكن هناك ستارٌ طائفي لمعركة طبقية وطنية عميقة

د.قدري جميل: في سورية لا توجد معركة طائفية.. لكن هناك ستارٌ طائفي لمعركة طبقية وطنية عميقة

منطلقاً من قاعدتين أساسيتين للحوار «رفض التدخل الخارجي ونبذ العنف»، أكد عضو ائتلاف قوى التغيير السلمي الدكتور قدري جميل سعي الائتلاف ليس إلى «انتقال السلطة» بل إلى «تغيير النظام بكامله»، وقال «لم ترد في وثائق الائتلاف كلمة انتقال السلطة، وهذا لبس كبير ورد في وسائل الإعلام، بينما نتحدث عن التغيير الحقيقي السلمي الجذري الشامل الديمقراطي، أما انتقال السلطة نعتبره أمراً صغيراً، وما نتحدث عنه أكبر بكثير، فنحن نسعى لتغيير نظام وليس تغيير سلطة (طرابيش) وإبقاء النظام».

واعترف النائب جميل أن المعارضة لم تستطع حتى الآن الاتفاق على مفهوم الخطر المهدد للأمن القومي، لكن داخل «ائتلاف قوى التغيير السلمي» تم الاتفاق على تحديد العدو بأنه أولاً أمريكا وإسرائيل وقضية الحقوق والأرض المحتلة، أما داخلياً فهي قوى الفساد الكبرى التي تعد الوجه الآخر للقمع وموجودة في النظام وفي المجتمع، وهي المسؤولة عن الأزمة والتعقيدات وعن التجييش الطائفي في الطرفين، ففي سورية لا توجد معركة طائفية، لكن هناك ستاراً طائفياً لمعركة طبقية وطنية عميقة.

مواقف الهيئة تشوبها

«أصابع الزينب»

لم يكن لهيئة التنسيق الوطنية أي حضور أو تعليق عند الإعلان عن تشكيل ائتلاف قوى التغيير السلمي، وأثار غياب الهيئة عن هذا الحدث تساؤلات فندها الدكتور قدري: لقد دعونا الهيئة كضيوف للمشاركة بالإعلان منذ شهر ودعوناهم كضيوف وليس مشاركين إلى المؤتمر الأول، ومع الأسف كانوا مشغولين، ولم نتمكن حتى الآن من الاتفاق معهم رغم أن نقاط الاتفاق المفترضة كثيرة، والسبب ربما بوجود (أصابع الزينب)، فهناك شيء غير مفهوم في مواقفهم، مثل المسارعة للتفاوض والحديث مع المجلس الوطني في اسطنبول، ولا يبذلون جهداً للاتصال معنا، واتهامهم لنا بأننا من حواشي النظام لأننا لا نتفق معهم، ونتهمهم في ذات الطريقة من الحديث «التخوين» بأنهم من حواشي اسطنبول، فهم غير مستعدين للجلوس معنا، وأرى أن هناك ما يجري تحت الطاولة.

أشير هنا إلى التباس مواقف الهيئة برفض التدخل الخارجي ورفض الفيتو الروسي، وبقولهم إنهم ضد العنف يبررون التسلح بالحركة الشعبية بحجة أن النظام دفع الأمور بهذا الاتجاه ويعتبر دفاع عن النفس مشروع.

إذا أصبحنا أكثرية نيابية

سنشكل حكومة وحدنا

وفي ظل الاهتمام الكبير بتشكيلة الحكومة الجديدة والوعود المطروحة بمشاركة المعارضة، تحدث الدكتور جميل عن اجتماعه مع ممثلين للجبهة مع رئيس الحكومة المكلف والحديث عن برنامجها، دون الدخول في تفصيل المشاركة على المقاعد، لأن الموضوع لم يحسم لدينا بعد، وعندما يحسم موضوع البرنامج التوافقي لحكومة تشبه حكومة وحدة وطنية يمكن الحديث عن المقاعد، وآخر ما يهم تحصيل مكاسب لنا، والحديث الأول والأهم هو البرنامج الذي سنعمل عليه، والأدوات أي الصلاحيات لتنفيذ البرنامج، ثالثاً التشكيلة العامة (الجبهة، حزب البعث، المستقلون، المعارضة)، ثم نتكلم بالتسمية الفردية، وما عدا ذلك هي مجرد أوهام في رأس البعض تخطط لأن تكون كذا ولم يسأل رأينا فيه ونحن أصحاب القرار فيه، ولا يهم نوع الوزارة والتمثيل، لأنه لدينا كفاءات عديدة، وفي حال أصبحنا أكثرية نيابية في يوم من الأيام نحن قادرون على تشكيل حكومة.

نضغط لتغيير النظام

الداخلي لمجلس الشعب

انسحابات من جلسات مجلس الشعب احتجاجاً على قمع حق النواب بحرية التكلم والتغاضي عن الشفافية في تثبيت ما حدث بمحضر الجلسة... رئيس الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير يقول إن ممارسات رئاسة المجلس تعطي انطباعاً بأن المادة الثامنة القديمة ما زالت تحوم في أجواء المجلس، رغم انتهائها قانونياً لكنها عملياً تقيد عقول الكثيرين من الذين عاشوا في المرحلة الماضية ولا يستطيعون التخلص من أثقال الماضي ومطلوب التحرر من هذه الأثقال والذهاب بجرأة نحو المادة الثامنة الجديدة التي تقول بالتعددية الحزيبة والسياسية والتعامل على هذا الأساس، ففكرة الحزب القائد انتهت، هناك حزب أكثرية نعم لكن عليه التعامل مع الآخرين كأقلية، وإمكانية التغيير مرتبطة بكونها عادة تحتاج إلى أكثر من مجلس، ونحن نضغط باتجاه تغيير النظام الداخلي للمجلس، ويجب تغييره خلال أسبوع واحد.

فالعملية الديمقراطية في البلاد، على حد تعبير جميل، عملية صعبة ومعقدة وتسير بشكل متعرج وبطيء لكن المهم أن تبدأ وقد بدأت، فقد بدأنا العمل على تكوين كتلة واسعة من النواب المستقلين، مواقعهم أقرب للمعارضة في المجلس، وهذه العملية بحاجة لقليل من الوقت لتأخذ مداها، وأعتقد أننا سنصل لكتلة واسعة نسبياً من النواب في المجلس يمكن أن يلعبوا دورا تحريكياً للماء الراكد.

حلول الحكومة

 الاقتصادية عمقت الأزمة

يصف الدكتور جميل نهج الحكومة السابقة وما قبلها بالنهج «الليبرالي المعادي لمصالح الجماهير» تحت شعار«دع الأغنياء يزدادوا غنى فهم قاطرة التطور»، موضحاً أن هذه التوجهات أدت لإفقار الفقراء أكثر وزيادة الحطب بالبيت الداخلي الذي أدى للانفجار الذي نراه حاليا، حتى الحلول التي قدمتها الحكومة في ظل الحصار الاقتصادي لم تخرج عن منطق الفريق الاقتصادي في حكومة العطري وعمقت الأزمة.

ودعا الدكتور جميل لعملية قطع وانعطاف جذري بالسياسات الاقتصادية الاجتماعية عبر محاربة الفساد الكبير وإعادة توزيع الثروة بحد أدنى حسب منطوق الدستور وحل قضايا الاستملاكات الظالمة للمجتمع وتأمين نسب نمو حقيقي من مصادر الفساد، عبر طرح برنامج يترجم لأعمال ملموسة وسياسات تعكس مصالح قسم هام من السوريين وخاصة المستضعفين.

والحل الأمني لا يمكن تحديده

وفي إطار مساعي السلطة لاحتواء الأزمة، اعتبر جميل أن حلول الدولة يغلب عليها الطابع الأمني البحت، الذي أفشل الحل الأمني وخلق من جهة أخرى فلتان أمني، وأبعد الحل السياسي، فالحل الأمني إذا كان ضرورياً يجب أن يكون جزءاً من منظومة حلول سياسية شاملة، أما ربط الحل الأمني بالحل السياسي على التسلسل أفشل الحل السياسي، وما نريده هو حل سياسي شامل، بحيث يكون الحل الأمني ضمن إطار الحل السياسي ووفق الحد المطلوب والضرورة، فقد يتطلب الوضع توسيع أو تضييق الحل الأمني.

النظام مرتبك

ويتابع جميل واصفاً «النظام بأنه مرتبك نتيجة تعدد الآراء»، فهناك أطراف، على حد تعبيره، منها المتشدد الذي لا يريد الحل، ومنها من لا يعترف أساساً بالأزمة ويلقي باللوم على المؤامرة الخارجية، وهناك أطراف تريد الحل، إلا أن محصلة اختلاف الاتجاهات في النهاية كما نرى على أرض الواقع صفراً، ما يؤدي بالتالي إلى استعصاء وتضييع فرص وتأخير في الحلول.

بينما يحدد موقفه من العنف المتبادل، وأن الدولة يجب أن تمارس دورها بالحفاظ على أمن المواطنين «دون السماح لها بالمبالغة باستخدام العنف دون مبرر»، يؤكد الدكتور قدري أنه «يجب محاسبة أولئك الذين بالغوا في استخدامه» بسورية، ودون ذلك لا مصالحة وطنية، وهي ضرورية وبنودها واضحة من «إطلاق سراح المعتقلين الذين لم تتلوث أيديهم بالدماء والتعويض المباشر للمتضررين دون بيروقراطية وتعقيدات، إضافة لحل قضية المهجرين بأسرع وقت ومحاسبة كل من استخدم سلطاته كجهاز دولة بشكل مسيء وكل من أراق قطرة دم سورية خلافاً للقانون».

ومن هنا يحدد النائب جميل أطراف الحوار «بين الناس الذين لا يحملون السلاح»، لكن حتى الآن يتحفظ جميل على عدم وجود ما يطمئن الشارع السوري نتيجة عدم محاسبة أي من جهاز الدولة، فالنظام حسب رأي الدكتور قدري «لم يفهم أن الحوار يعني تقديم تنازلات حقيقية عن مواقفه الأولى في موضوع السلطة والثروة، بالمقابل المعارضة الخارجية اللاوطنية والمتشددة صدقت الدول الغربية نتيجة قصر نظرها واعتقدت أن الوضع سينتهي قريباً»، إلا أن الأزمة مستمرة منذ سنة ونصف وقد تستمر لمثل هذا الوقت ولا نجد حلاً، لا حل إلا الذهاب للحوار، وهو أصعب من القتال بالسلاح، لما يتطلبه من عقل وحكمة وصبر فالحوار معركة من نوع آخر.

وشبه الدكتور قدري المعارضة السورية بالنظام الحاكم، أحادية وتقصي الآخر، فالمعارضة الآن تصر على ضرورة وجود رأي واحد للمعارضة ومن ليس مثلهم لا يعتبر معارضاً، هذا الطرح غير منطقي في الوقت الذي نتكلم فيه عن مجتمع حزبي تعددي، ونحن شيء آخر.

لذلك جاءتنا انتقادات من طرف المعارضة التي ترفض خوض الانتخابات وترفع شعار إسقاط فوري للنظام، ومقتنعة بأن الأمور ستكون مقررة مسبقاً من النظام، بينما كانت الانتقادات من طرف الموالاة الذين اعتقدوا أن مشاركتنا تعني تحولاً في مواقفنا، ثم كانت الصدمة لهم بأننا لم نتحول و«لم نسمع الكلمة».

كما اعتبر جميل النظام الانتخابي الحالي بأنه «منته الصلاحية» ويخرق مبدأً دستورياً أساسياً في تكافؤ الفرص، فالفقير وغير المدعوم من جهاز الدولة لا يمكنه الوصول، لذلك هو محمي من أجهزة الدولة التي تتحكم بنتائجه.

شوكوماكو 18-6-2012