الحل السياسي .. والغائب الحاضر!

الحل السياسي .. والغائب الحاضر!

رغم كل التعقيدات التي توضع حتى يحقق المؤتمر الدولي الخاص بالازمة السورية تقدماً ملموساً وتحقيق نتائج على الارض، إلا أن ما يمكن الجزم به هو أن قطار الحل السياسي أطلق صافرة الانطلاق، وسيمضي في طريقه ..

يذهب البعض في تقييمهم لأهمية انعقاد المؤتمر والآمال المعقودة عليه بأنه تفاهم دولي لا علاقة للشعب السوري به، والأولوية بالتالي بالنسبة لرعاة المؤتمر ليست حل معاناة الشعب السوري، بل لمصالح الدول الراعية...

إن مثل هذا التقييم الذي يبدو أنه صحيح من الناحية الشكلية ينطوي على معان خطيرة تتعلق بالموقف من المؤتمر بحد ذاته، و هذا الموقف من المؤتمر الذي  لا يميز بين الدول الراعية، هو موقف تعميمي وملتبس و جاحد حين ينظر إلى الدور الروسي والأمريكي من زاوية واحدة، وكان القضية هي لعبة أمم؟!

لسنا هنا في وارد الدفاع عن الموقف الروسي فهو فعلاً يدافع عن مصالحه الدولية، وبالتاكيد فإن الدول الكبرى ومنها روسيا ليست جمعيات خيرية، وهي إذ دخلت على خط الأزمة السورية فإنها فعلت ذلك من موقع الدفاع عن دورها على الصعيد الدولي، ولكن ما يتناساه أصحاب فكرة إن المؤتمر لعبة أمم دون التمييز بين الموقف الروسي والامريكي هو أن هذه المصالح الروسية بالضبط تتقاطع مع مصالح الشعب السوري..

إذا كانت مصلحة روسيا تقتضي منع التدخل الخارجي العسكري المباشر، ولجم المحاولات الامريكية للقيام بذلك، وإذا كانت مصلحتها تتطلب ردع التدخل غير المباشر ودخول جماعات التكفير إلى الأرض السورية، وتالياً إذا كانت مصالحها تتطلب الحل السياسي، فهذا يعني موضوعياً إعادة اللاعب الأساسي إلى الميدان أي الشعب السوري ليقرر هو مصيره ولا أحد غيره، ولعل غياب هذا الشعب أو تغييبه لهذا السبب أو ذاك خلال سنوات الازمة الثلاث هو في الاصل كان مقدمة هذا التعقيد في الأزمة السورية التي وصلت إلى حد الكارثة الإنسانية..

إن النتيجة المنطقية لكل الدور الذي قامت به موسكو على امتداد الأزمة السورية – وفي سياق الدفاع عن مصالحها هي بكل تأكيد – هي فتح المجال أمام الشعب السوري ليقول كلمته..

يلاحظ المتابع لتطورات الأزمة السورية أن الطرفين المتشددين في كل من النظام والمعارضة كانا على الدوام يحاولان التشكيك بالموقف الروسي وماهيته، ولا يحتاج المرء إلى كثير من التفكير حتى يفهم سبب هذا التوافق، وهو يكمن تماماً في أن الطرفين لايريدان إعادة الشعب السوري إلى موقعه، و فرض خياراته فيما يخص اتجاه تطور الدولة السورية وشكلها، بما فيها شكل النظام السياسي الأنسب له، والدور الذي تفرضه الجغرافيا السياسية على سورية في شبكة العلاقات الاقليمية والدولية.