وجع ع ورق

 

جاء صيف 2013 ليوثق القصة التي جرت في شتائه قبل أن يعلمنا بنبأ سقوط بطلها في الربيع.
وبين هذا وذاك وقبله وبعده تأكد لعموم السوريين أن الشهيد العميد مصطفى شدود هو بطل حقيقي، شكلاً ومضموناً، يجسد صورة «البطل الإنقاذي» المولود من رحم الأزمة، وإنما باتجاه الخروج منها، جماعياً- وليس فردياً، بمعنى الهروب من مواجهة استحقاقاتها.
بين شتاء تسجيل الفيديو المتداول حديثاً للعقيد في حينها وربيع استشهاده تظهر مضامين لافتة عديدة اختزلتها الثواني الواضحة في حديثه، أعزل، منفرداً وشجاعاً، ملقياً سلاحه في رمزية عالية، في حوار فرضته اللحظة/ الأزمة مع مجموعة كاملة من المسلحين، ربما كان أبرزها عقلانية الرجل في اعتماده الخطاب الوطني الجامع من موقعه كقائد ميداني في الجيش، وعدم خضوعه للاستفزاز والإلحاح عليه بتقديم نفسه بقوالب ما قبل الدولة الوطنية: «أنا سوري، أنا من بلدنا، أنا من سورية»، ويضاف إليها تصويبه للعلاقة بين جهاز الدولة والناس، بلا فضل ولا منيّة: «أنتو الدولة.. أنتو يللي علمتونا»، أي أنه يؤكد علاوة على ذلك علاقة التماهي بين الجيش العربي السوري بتركيبته الطبقية بفقراء الشعب السوري في وجه الفاسدين والمنتفعين تاريخياً، ومن الأزمة حالياً على حساب وجع السوريين، ليتضح أن هؤلاء الفقراء باختلاف مواقعهم السياسية والميدانية عندما «تحاوروا»- ولو بشكل عابر- لم تسقط قطرة دم واحدة، وليصبح منطق هذا الحوار هو عامل إعادة فرز حقيقي لتوحد السوريين، موالاة ومعارضة، حول نموذج أبطال حقيقيين يشقون طريقهم بيننا.