الحرائق المُفتَعَلة تتجدّد بسورية بالتزامن مع تحذير «منصة الغابات»

الحرائق المُفتَعَلة تتجدّد بسورية بالتزامن مع تحذير «منصة الغابات»

تجدّدت الحرائق في غابات اللقبة بريف مصياف للمرة الثالثة على التوالي خلال أسبوع.

وأعلن رئيس مركز حماية الغابات في مصياف مدين العلي أن 65 رجل إطفاء تمكنوا فجر الجمعة من السيطرة على الحريق الذي بدء بالاندلاع في حراج اللقبة بريف مصياف الشمالي الغربي (بريف حماة) ليل الخميس.

وأوضح أنه بعد إخماد الحريق تم تبريده وعزله بواسطة 3 صهاريج وبمساعدة أهالي المنطقة، وفق ما نقلته صحيفة «الوطن». وأشار إلى أن النيران التهمت حوالي 3 دونمات من الحراج والأراضي الزراعية.

كما وأكد العلي أنّ الحريق نشب بفعل فاعل بحسب تصريحات الأهالي، الذين أفادوا بأن الفاعل أضرم النار عند الساعة 10:15 من ليل أمس، بمنطقة مهجورة وهرب، فامتدت النيران والتهمت الدونمات المذكورة، لافتاً إلى أن «التحقيقات جارية لكشف الفاعل والقبض عليه».

ويجدر بالذكر بأن هذه الحرائق المفتعلة تأتي بالتزامن مع التحذير الجديد الذي أطلقته «منصة الغابات ومراقبة الحرائق FIRMO» (والتي أنشئت في 20 نيسان 2021) على صفحتها الرسمية في الفيسبوك من وجود مؤشرات متوسطة إلى مرتفعة لمستويات خطر نشوب الحرائق مع وجود مناطق عالية الخطورة، وتحديداً أنّ الخرائط تبدي مؤشرات لارتفاع ملحوظ بخطورة الحريق لغابات شمال غربي سورية للأيام الثلاثة (بين 1 و3 تموز 2021) حيث تتراوح بين المتوسط والمرتفع مع وجود مساحات ملحوظة ضمن مؤشر «الخطورة المرتفعة جداً»، وهذا المستوى الأعلى تعرّفه المنصة بأنه الحرائق التي «تترافق مع حرارة وجفاف ورياح، لذلك فإنها تنتشر بسرعة ويتطلب الإخماد فيها جهوداً منظمة وشاملة».

وفي 29 نيسان الماضي، كانت الحراج الواقعة غرب وادي حيالين بريف مصياف على طريق مصياف-القدموس، قد شهدت حريقاً توجهت فرق الإطفاء للسيطرة عليه آنذاك.

وكانت وكالة سانا الرسمية للأنباء قد سبق ونقلت الخميس، 1 تموز، بعد بدء الحريق الأول بمنطقة اللقبة بمصياف، تصريحات لرئيس مركز حماية الغابات مدين العلي بأن 30 عامل إطفاء و5 صهاريج أرسلت إلى منطقة الحريق التي تتصف بأنها شديدة الوعورة لافتاً إلى أن الحريق اندلع في أعلى قمة تلة حراجية. ونقلت سانا عن أحد المواطنين إشارته إلى أن أهالي القرية «بدؤوا منذ اللحظات الأولى بالتعاون مع فرق الإطفاء لإخماد الحريق رغم الصعوبات الكبيرة بسبب كثافة الغطاء النباتي ووعورة تضاريس المنطقة وغياب خطوط النار والطرق الزراعية وتعذر وصول آليات الإطفاء إلى مكان النيران فضلا عن هبوب رياح شديدة تسعر النار وتؤججها».

ورغم تكرار الحرائق سنوياً، لكن ما زالت طرق الإطفاء الجوي بالحوامات غير واردة بشكل جدّي في خطط الحكومة السورية على الرغم من أنّها عند كل حريق تكرر الحديث نفسه كالذي نقلته سانا بالنسبة لهذا الحريق الجديد عن أنّ «الأحراج في هذه المناطق تشهد سنوياً اندلاع العديد من الحرائق ما يتسبب بخسارة مساحات واسعة من الثروة الحراجية والحقول الزراعية جرّاء وعورة المنطقة وصعوبة وصول سيارات الإطفاء إليها للتعامل مع هذه الحرائق في الوقت المناسب».

وسبق أن أشارت صحيفة «قاسيون» في تحليلاتها حول الموجة الماضية من الحرائق الخريفية سنة 2020 إلى التراجع الكبير في الإنفاق على خدمات الدفاع المدني. ففوج إطفاء اللاذقية على سبيل المثال معني بحرائق قد تطال 85 ألف هكتار من أراضي الغابات، ولكنه لا يمتلك سوى 34 سيارة إطفاء، كان على كل سيارة منها أن تغطي وسطياً مساحة تفوق 200 هكتار من الحرائق في الحريق الأخير الممتد على أكثر من 7000 هكتار في اللاذقية وحدها. كما بينت سلسلة الحرائق أن مستوى انخفاض الإنفاق والخدمات متدنٍ إلى حدّ أن عمال فوج الإطفاء يطالبون بأجهزة لاسلكية للتواصل فيما بينهم لم يتم توفيرها.

كما ولفتت الصحيفة آنذاك إلى دراسة للسياسات الزراعية أشارت إلى أن المساحات المحترقة في الحريق الواحد في سورية ارتفعت من 0,6 هكتار للحريق الواحد في 2010 إلى 5,8 هكتار للحريق في 2015، ما يشير إلى التراجع الكبير في قدرة الحكومة السورية على إطفاء الحرائق وتضييق أثرها، حيث إن عدداً أعلى من الحرائق في 2010 كان يؤدي إلى أضرار أقل بالمساحات في سنوات الأزمة، مع تراجع جملة القدرات والخدمات العامة والإنفاق الذي انعكس أيضاً في خدمات الدفاع المدني والإطفاء.

وبعد كل كارثة حريق في سورية، وكما في كل مرة ومنذ سنوات طويلة، يُعاد الحديث الرسمي عن ضرورة شقّ طرق زراعية وحراجية في الغابات بغاية تسهيل عمل رجال الإطفاء وتنقلهم، أو بغاية تسهيل عبور بعض الآليات والتجهيزات اللازمة لإطفاء الحرائق وتطويقها في الأماكن صعبة الوصول، لكن ذلك لم يتم، وإن تمّ فهو جزئي وغير كافٍ.

يجدر بالذكر أنّه رغم تكرار الحديث عن ضرورة تأمين وشراء حوامات خاصة بإطفاء الحرائق، وزيادة أعداد طواقم العاملين في أجهزة الإطفاء مع تأمين المستلزمات الضرورية لهم، بالإضافة إلى ضرورة زيادة أعداد سيارات الإطفاء، وأهمية زيادة أعداد طواقم الدفاع المدني مع تأمين مستلزماتهم الخاصة بالعمل، وأهمية زيادة أعداد العاملين في الحراج، مع اختلاف مهامهم ولوازمهم وفقاً لمهام كل منهم – لكن أياً من ذلك لم يتم رغم كل الحاجة والضرورة التي تفرضها الوقائع وتكرار الحرائق.

معلومات إضافية

المصدر:
وكالات + قاسيون