الثمرة الحامضة ... يجب ألّا يُوجدَ الواقع كي لا تُهزَمَ فرضيَّتُنا!

الثمرة الحامضة ... يجب ألّا يُوجدَ الواقع كي لا تُهزَمَ فرضيَّتُنا!

تعابير الإنكار الفرويدي في الخطاب البرجوازي السائد ظاهرةٌ تستحق التوقف عندها، وخاصةً خلال السنوات القليلة الماضية، حيث تتكرر في منابرهم الإعلامية والسياسية والاقتصادية والعلمية والفكرية تعبيراتٌ مثل «هذا لا ينبغي أن يوجد!» كلّما اصطدم فكرهم الرَّجعي المأزوم بالوقائع العنيدة في عالَمنا الذي يشهد تغيّرات وانقلابات جيوسياسيّة واقتصادية وعلمية كبرى من العيار الثقيل، عنوانها العريض الأزمة الحضارية الشاملة والإفلاس الكامل الذي تعيشه المنظومة الإمبريالية والصهيونية، وخاصةً أمام نهوض مقاومة الشعوب، وهي مقاومةٌ تَلقى جزءاً من التعبير عنها أيضاً في سلوك الكتلة الدولية الجديدة الصاعدة بقيادة روسيا والصين والبريكس.

اقتصادياً، يمكن تأريخ موجة جديدة من إنكار أزمتهم منذ مطلع الألفية الحالية، ويتكرّر الإنكار مع كلّ موجةٍ من تمظهراتها، كما كتب مثلاً كريستال كولومبيني عام 2015 في بحث بعنوان «إنكار الفقاعة باعتباره اللياقة البلاغية الرسمية للسوق» ملاحظاً بأنّ «أتباع التيار السائد للاقتصاد النيوكلاسيكي ظلّوا سنواتٍ قبل انفجار أزمة 2008 ينتجون توافقاً سرديّاً قويّاً بأنّ الفقاعة بعيدة الاحتمال أو مستحيلة». بالمثل ينكر خَدَم الوصفات النيوليبرالية لواشنطن هزيمتها وهزيمتهم. ولذلك لم يكن مفاجئاً ارتفاع مبيعات كتاب ماركس «رأس المال» وكذلك «البيان الشيوعي» منذ 2008؛ فعندما تنكشف إخفاقات «العلوم الزائفة» لا بدّ أن يبحث الناس عن مصادر العِلم الحقيقي.
وكمثال على إنكار هزيمتهم في العلوم العسكرية أيضاً، أنكر البنتاغون منذ آب 2022 التخلُّفَ المعرفيّ للولايات المتحدة في علم الصواريخ فرط الصوتية، بمواجهة نجاح روسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران، الذي يثمر اليوم ردعاً من قزوين إلى الأحمر والمتوسط. وبالمثل ظلّ كيان الاحتلال الصهيوني ينكر فشل «القبة الحديدية» التي أسطَرَها كأسطورة جيشه «الذي لا يُقهَر» حتى سقط بامتحانِ مقاومة الشعب الفلسطيني وخاصة بعد طوفان غزّة. هذه أمثلةٌ من حقائق اليوم التي ما تزال تنكرها الأقلية النهّابة الواهمة بأنّ «99% من الأوراق بيد واشنطن»، ولا شكّ بأنّ الهزيمةَ ستلحق بتلك الفئة في النهاية كما بصنمها الغربيّ المهزوم معرفيّاً وعَمليّاً، ولكنْ كلّما تأخَّر ذلك، كلّما ظلّ المعرقِلونَ عثرةً أمام استحقاقات الحل لأزمة البلاد والشعب وكلّما تمّ تفويت فرصٍ ثمينة سياسياً واقتصادياً وعِلميّاً. ولا ينتصر في نهاية المطاف إلّا «مَن ينتصر معرفياً».

معلومات إضافية

العدد رقم:
1168