حصيلة الصيد البحري والمخزون السمكي

حصيلة الصيد البحري والمخزون السمكي

 تحت عنوان «تقييم أولي لحصيلة الصيد البحري وعلاقته بالمخزون السمكي ومواصفات المياه في منطقة المنطار –طرطوس- من الساحل السوري» قدم كل من د.وسيم غانم ود.أمير ابراهيم ود.محمد بكر ومرهف لحلح من المعهد العالي للبحوث البحرية وجامعة تشرين وقسم العلوم البيئية، وكلية العلوم جامعة دمشق في العام 2011 في مجلة جامعة دمشق للعلوم الأساسية

يعد تقدير المخزونات السمكية الحية وتركيبها النوعي والكمي من العوامل الأساسية في عمليات التقويم والإدارة، وتعد ضرورية لتحقيق الإدارة الفعالة لمصايد الأسماك وإدارة الأنواع التي تعد مهددة ومستنزفة بصورة خطيرة. كما تساعد عمليات تحديد المخزونات في تحديد المستوى المناسب لوضع استراتيجيات الرصد ونتاج المصايد، ويعد حجم المخزون السمكي على مستوى الأنواع والفصائل ذا أهمية خاصة، خصوصاً عند الرغبة في دراسة قوام المخزون السمكي، من حيث الحجم والجنس والعمر ومرحلة النضج الجنسي.

بدأت الدراسات المحلية السورية على الأسماك مع قدوم بعثة التعاون الكورية التي سجلت وجود (96) نوعاً من الأسماك العظمية، و9 أنواع من الأسماك الغضروفية، واستمرت الدراسات مع أواخر القرن الماضي بدراسة بيئية وتشريحية مقارنة لأسماك فصيلة Sparidae  في العام 1991، ثم أخرى  تصنيفية حول التنوع الحيوي السمكي في المياه البحرية السورية، التي سجلت وجود 158 نوعاً من الأسماك العظمية والغضروفية في العام  1994، وتلا ذلك العديد من الدراسات الأخرى المكملة للموضوع ذاته.

بعد ذلك أجريت دراسات تناولت بعض الصفات البيولوجية للأسماك المحلية، كأسماك فصيلة Sparidae، وأسماك فصيلة  Mugilidae  وأخرى تناولت المخزون السمكي في المياه الشاطئية لمدينة اللاذقية، التي سجلت وجود 51 نوعاً سمكياً، ودراسة ستة أنواع سمكية تابعة للفصيلة الكلبية، تلتها دراستان بيئيتان وتصنيفيتان للفونا السمكية التي وثقت وجود عشرة أنواع سمكية مهاجرة تسجل أول مرة في الشواطئ السورية، وكذلك دراسة بيئية بيولوجية سُجّل خلالها وجود 90 نوعاً من الأسماك العظمية والغضروفية في المياه الشاطئية لمدينة اللاذقية. تناولت معظم تلك الدراسات تنوع الأسماك من وجهة نظر تصنيفية بشكل عام، وقليل منها تناول مكان وجود النوع.

فضلاً عن ذلك فإن أغلب الدراسات السابقة لم تتناول المخزون السمكي وطرائق تحليله ودراسته بشكل موسع، لذا كان لا بد من إجراء بحوث جديدة مكملة تهتم بالمخزون السمكي وجمع البيانات الإحصائية ومن ثم تطبيق البرامج الإحصائية، المختصة بتحليل معطيات المخزون السمكي ومؤشراته.

تعد منطقة المنطار في جنوب طرطوس منطقة صيد مهمة يعتمد عليها قطاع واسع من الصيادين، وتضم عدداً لا بأس به من مراكب الصيد العاملة على امتداد الساحل السوري، فضلاً عن أنّها منطقة تتميز باتساع مساحة الرصيف القاري فيها وتنوع قيعانه، ونظافة مياهها مما يجعلها منطقة ذات إنتاجية بيولوجية متميزة، وبمعدل سريان طاقة كبير. فضلاً عن ذلك فإن القليل من الدراسات عن الثروة السمكية جرى في القسم الجنوبي من الساحل السوري، حيث منطقة المنطار، ربما بسبب البعد الجغرافي.

تشكل الدراسة الحالية خطوة أولى لدراسة ديناميكية المخزون السمكي في منطقة المنطار، كممثل لمخزون المياه البحرية السورية، وذلك بهدف وضع الأسس الصحيحة التي يمكن الاعتماد عليها في الدراسات اللاحقة، وبما يضمن الاستغلال الأمثل والمستدام للثروة السمكية. كما تناولت الدراسة أيضاً خصائص مياه البحر في المنطقة، بهدف المساعدة في تفسير النتائج، ومن أجل توثيق الواقع خصوصاً، ولاسيما أن مواصفات المياه تتغير باستمرار بسبب التغيرات المناخية الحاصلة.

مواد البحث وطرائقه

بعد إجراء مسح جغرافي لمناطق الصيد الممتدة على طول الساحل السوري، اختيرت منطقة المنطار – طرطوس- لتنفيذ هذا البحث. جمعت العينات باستخدام مركب صيد متوسط الحجم 10.5 م، ومن أعماق تراوح بين 20-50متراً. استخدمت شباك صيد غلصمية ثابتة أقطار فتحاتها24-32مم، على اعتبار أن وسيلة الصيد هذه هي الوسيلة الأكثر استخداماً في المنطقة، حيث تجمع عدداً لا بأس به من أنواع الأسماك المتوافرة في المكان.

جمِعت العينات دورياً وبمعدل مرة واحدة شهرياً من محطات تبعد 1-2 كم عن الشاطئ، حيث كان يتم نصب الشباك عند مغيب الشمس، ومن ثم تجمع عند الفجر لتُسجل حصيلة الصيد الإجمالي وعدد الأنواع وعدد الأفراد لكل نوع، وكمية كل نوع من الأنواع المصادة. 

الاستنتاجات والتوصيات

تضم منطقة المنطار تنوعاً حيوياً عالياً نسبياً مؤلفاً من 31 نوعاً من الأسماك تنتمي ل 19 فصيلة من الأسماك العظمية وفصيلتين من الأسماك الغضروفية، كنتاج لاستخدام الشباك الغلصمية الثابتة في عملية الصيد. وشكلت أنواع فصيلة Sparidae نسبة كبيرة%19.35  من عدد الأنواع السمكية الموجودة في المياه البحرية في تلك المنطقة  المدروسة. يقود ذلك إلى ضرورة إعطاء هذه المنطقة الأهمية التي تستحقها بوضع نظم حماية الثروة السمكية، سواء على مستوى الأنواع أم على مستوى النظم البيئية، لأن الأفضلية في الحماية تُعطى للأوساط التي تضم أعلى تنوع حيوي.

بلغت أعلى إنتاجية جهد صيد خلال شهري آذار ونيسان 1.15 و 1.08 كغ/سا على التوالي كما بلغ متوسط إنتاجية جهد الصيد للمركب 0.21±0.78 كغ/ساعة، ومتوسط الوفرة السمكية± 3.83، 1.02 كغ مع وجود القيمة العظمى خلال شهر تشرين الأول 6.72  كغ، في حين سجلت أعلى قيم لمعامل الغنى النوعي ودليل التنوع خلال شهر أيار.

كانت أفراد فصيلة Sparidae  الأكثر غزارة في المنطقة، ومن ثم ينصح أن تؤخذ هذه الفصيلة كمعيار لتدهور واقع الحماية في المنطقة أو تحسنها. أكثر الأنواع غزارة هو سمك الزليق الأحمر من الناحية الكمية إذ بلغت حصيلة صيده  20.5 كغ، وبمعدل شهري 5.7 ±  1.71 كغ. 

من واقع الدراسة الحالية يمكن اقتراح ضرورة متابعة إجراء مسح شامل للأنواع السمكية ودراسة المخزون السمكي لكل نوع، وتحديد الأنواع الأكثر اقتصادية التي تقطن المياه البحرية السورية، بغية الحصول على نتائج تعكس واقع كامل الساحل السوري.

هذا إلى جانب الاستمرار بدراسة بيولوجيا النمو والتغذي لكل الأنواع السمكية بغية معرفة العلاقات الحيوية للأسماك مع بعضها، وربط النتائج بالقاعدة الغذائية الطبيعية في الوسط البحري. وتأتي حماية الموائل الطبيعية للأسماك حفاظاً على تكاثرها وبيئتها الطبيعية واستقرارها البيئي من الأمور المهمة في هذا المجال،ويأتي ذلك من خلال تشديد المراقبة من قبل الجهات الوصائية على وسائل الصيد، وعلى قطر فتحات الشباك المستخدمة، وتأمين وسط مناسب لتكاثر الأسماك.