قصور الدرق بين اللاذقية وحلب

قصور الدرق بين اللاذقية وحلب

قدم الدكتور هيام كامل فاضل دراسة في سلسلة العلوم البيولوجية من مجلة جامعة تشرين للبحوث والدراسات العلمية بعنوان «دراسة مقارنة لمرضى قصور الدرق في ثلاث مدن سورية»

هدفت هذه الدراسة إلى مقارنة قصور الدرق عند مرضى من مدن سورية مختلفة الارتفاع عن سطح البحر ومعرفة تأثير التغذية على نشاط الغدة الدرقية.

شملت الدراسة 150 مريضاً بقصور الدرق، وذلك بمعدل 50 مريضاً من كل مدينة (اللاذقية، إدلب (سراقب)، حلب)، إضافة إلى المجموعة الشاهدة والتي تضمنت 50 شخصاً سليماً.

بيّنت النتائج أن انتشار مرض القصور الدرقي كان واضحاً في المدن الثلاث وذلك مقارنة بالشاهد. كما بيّنت النتائج أن ظهور مرض القصور الدرقي كان أكثر انتشاراً في مدينة حلب، وأقل انتشاراً في اللاذقية. ويعود السبب في ذلك لكون مدينة حلب أكثر ارتفاعاً عن سطح البحر، ويعتمد سكانها في تغذيتهم على نباتات الفصيلة الصليبية (كالملفوف والقرنبيط)، مقارنة مع سكان اللاذقية الأقرب إلى سطح البحر والأكثر تناولاً للمأكولات البحرية (الأسماك) الغنية باليود.

حيث تعد اضطرابات الغدة الدرقية أكثر المشاكل الطبية شيوعاً، وإن اضطراب الحالة الهرمونية نتيجة فرط أو نقص الغدة الدرقية قد يكونن له دور في خفض خصوبة الإناث، كما يؤثر على بعض معايير الدم الكيميائية.

وتنبع أهمية البحث في أنه يسلط الضوء على دور اليود والتغذية في تنشيط عمل الغدة الدرقية لتصنيع هرموناتها المهمة للعمليات الاستقلابية في الجسم، ويحقق مقارنة قصور الدرق عند مرضى من مدن سورية مختلفة الارتفاع عن سطح البحر، وربط النتائج أيضاً من تأثير التغذية على نشاط الغدة الدرقية.

الارتفاع عن سطح البحر

تؤكد نتائج البحث أن ظهور القصور الدرقي كان أعلى في مدينة حلب مقارنة مع كل من سراقب واللاذقية وذلك بسبب ارتفاعها عن سطح البحر، إذ يبلغ ارتفاع مدينة حلب عن سطح البحر حوالي 500 متر، أما سراقب فيبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 370 متر، بينما أدنى ارتفاع كان لمدينة اللاذقية 10 متر فقط.

اليود والمياه السطحية

يطلق اسم مرض الوذمة المخاطية المستوطنة على مرضى قصور الدرق العائد لعدم كفاية اليود في الجسم، عند سكان المناطق المرتفعة عن سطح البحر، لأن سكان هذه المناطق يعتمدون في سقاية مزروعاتهم على مياه الأمطار التي تبقى سطحية ولا تتغلغل إلى داخل التربة حيث يوجد عنصر اليود، فتبقى المزروعات ناقصة اليود، ومن ثم يتناولها الإنسان فيصبح عرضة لنقص اليود الهام جداً لتكوين هرمونات الغدة الدرقية، وهذا يعني أن كمية اليود الموجودة عند الأشخاص الذين يسكنون في مناطق ساحلية، تكون أكثر من تلك الموجودة في الغدة الدرقية عند الأشخاص الذين يقطنون في مناطق بعيدة عن ساحل البحر.

خضروات تثبط الدرق

ويمكن أن يعزى قصور الدرق عند سكان مدينة حلب إلى الإكثار من تناول خضروات الفصيلة الصليبية (القرنبيط الكرنب واللفت والفجل) والتي تثبط وظائف الغدة الدرقية، إذ تحتوي هذه الخضار على مواد مرة سامة، تؤدي إلى تثبيط الخميرة المساعدة على ارتباط اليود مع الحمض الأميني تيروزين، وهذه هي الخطوة البدئية الهامة لصنع هرمونات الدرق، ومن ثم ينقص هذا الهرمون الحيوي الهام، مما يدفع الغدة النخامية لزيادة الهرمون المحرض للدرق، الذي ينبه الغدة الدرقية لزيادة حجمها ويحصل ما يسمى بالسلعة الدرقية.

دور الأسماك البحرية

كما توصل الباحثون إلى أن الطهي يتلف المواد المثبطة لعمل الغدة الدرقية. وبالمقابل فإن تغذية سكان اللاذقية على الأسماك البحرية الغنية باليود وقربها من سطح البحر يؤدي إلى الإقلال من حالات القصور الدرقي مقارنة بسكان حلب وسراقب.

آخر تعديل على الخميس, 19 شباط/فبراير 2015 19:12