ما الفرق بين الماشية والباندا؟
نيل ليف نيل ليف

ما الفرق بين الماشية والباندا؟

يقدر كثيرون التنوّع في الأنواع. ويشعر الغالبيّة في حدسهم بأنّ انقراض أحد هذه الأنواع أمر سيء الحدوث. ونحن نقوم في معظم الأحيان بتقدير الأنواع أكثر من تقديرنا للأفراد المنتمين إليها. لنأخذ الحشرات كمثال، حياة ذبابة قد تبدو أمراً تافهاً، لكنّ أنواع الذباب لها قيمة معتبرة أكبر. هل علينا أن نقدّر قطعان الماشية؟ هل علينا أن نقلق إن كانت الأبقار (أو أحد الأنواع الفرعية منها) مهددة بالانقراض؟ هل يجب اتخاذ إجراءات للحفاظ عليها، مثل تلك التي نتخذها للحفاظ على الباندا والذئاب؟

تعريب وإعداد: هاجر تمام

هناك فرق واضح بين الماشية من جهة، وبين الباندا والذئاب من جهة أخرى. تدين الماشية الحديثة بوجودها لعمليات الإخصاب الانتقائي التي قام بها البشر: إنّها حيوانات مختلفة كليّاً عن الثيران البريّة التي انحدرت عنها. ولهذا قد يعتقد البعض بأنّ المواشي لم تحتلّ موقعها الطبيعي بالتطور مثلها مثل الباندا والذئاب، ولهذا فإنّها لا تستحق الحماية.

في حين أنّ معظمنا يريد أن يرسم خطّاً فاصلاً بين الطبيعي والمصنّع، فإنّها قضية بالغة الصعوبة في حالة التفريق بين الماشية وغيرها من الأنواع التي لم تعتمد علينا. فصحيح أنّ الماشية هم نتاج الضغط الانتقائي من قبلنا، لكنّ الحيوانات تمارس ضغطاً انتقائياً على بعضها البعض طوال الوقت. فبعض الحيوانات باتت مزاياها التطوريّة انعكاساً كلياً لهربها من الحيوانات التي تتغذى عليها، وبعضها الآخر مثل طيور الأوكسبيكر تعيش فقط من الطعام الذي يمكنها أن تستخرجه من الثدييات الكبيرة ...الخ. إنّ ممارسة الضغط الانتقائي من قبل نوع على آخر هو جزء طبيعي من التطور البيولوجي. ولهذا فإنّ ممارسة مثل هذا الضغط الانتقائي من قبلنا ليس ميزة خاصة بنا.

بطبيعة الحال هناك فرق في كيفيّة ممارسة الضغط الانتقائي على الماشية، بالمقارنة بممارسة الحيوانات المفترسة الضغط الانتقائي على فرائسها. لقد قمنا بشكل طوعي بتشكيل قطعان الماشية، بينما قامت الحيوانات المفترسة بتشكيل فرائسها بشكل غير طوعي. نحن نقوم بتربيتها لتزودنا بلحم أكثر، بينما لم يكن في نيّة الأسود أن تجعل الظباء تركض بشكل أسرع. لكنّ هذا الأمر بحدّ ذاته يسلّط الضوء على كوننا حيوانات ذات قدرات مميزة، لكنّه لا يستبعدنا من تصنيف الحيوانات. ولهذا فنوعيّة الضغط الانتقائي الذي تمارسه الحيوانات على بعضها، يعتمد أولاً على ماهيّة وخصائص هذا الكائن. وفي هذا السياق فضغطنا الانتقائي ليس مختلفاً عن بقيّة الحيوانات. 

فإنّ كنّا نفكّر، كما أفعل أنا، بأنّ الثقافة هي في حدّ ذاتها تكيّف، أي سمة طبيعيّة في البشر، عندها لا ينبغي علينا أن نفكر بأنّ وسائلنا الثقافية أمر منفصل عن طبيعتنا، أو أنّ نتاجات هذه الثقافة هي غير طبيعيّة بحدّ ذاتها. وعليه فإن لم يكن الاختلاف في الأصل يحدث اختلافاً في قيمة النوع، فليس هناك أسباب أخرى تدعو للاعتقاد بأنّ الماشية أقلّ قيمة من الباندا أو الذئاب. ورغم فهمي لكون بعض أفراد الأنواع هي أكثر قيمة من أفراد أنواع أخرى، مقاسة بمعيار الضرورة والألم وكيفيّة المعالجة، فهذه القيمة لا تنسحب على كامل النوع. وعليه فرغم أنّ أفراد الباندا أكثر قيمة من أفراد البقر كأفراد ضمن نوع، فليس نوع الباندا أهم من نوع البقر.

وطالما أنّنا نملك سبباً كافياً للحفاظ على تنوّع الأنواع ومنع انقراضها، فيجب أن نبقي وأن نحافظ على الماشية.