أسطورة «العفة»
كريستين كونغر كريستين كونغر

أسطورة «العفة»

لست أنا أوّل من يقول هذا الكلام، ولكنّه تكرار مفيد ولازم: غشاء البكارة مجرّد أسطورة.

تعريب وإعداد: هاجر تمام

أو لنكون أكثر دقّة: غشاء بكارة العذارى السليم الذي «يُثقب» أو «يُفرقع»، هو أمرٌ لا وجود له في الحقيقة.

إنّ عدداً لا يحصى من الشابّات، وأنا كنت إحداهن، قد تمّ تخويفهنّ ممّا يحدث للغشاء أثناء الجماع الأول، وخاصّة عندما يكون القلق مجرّد فكرة جوفاء من الناحية العلميّة. لا يمكن ثقب الغشاء لأنّه ليس سدادة بلاستيكيّة تغلق القسم العلوي من فتحة القناة المهبليّة، بذات الطريقة التي تغلق فيها علبة طعام بلاستيكيّة محكمة. إنّ الغشاء محكم الإغلاق هو حالة طبيّة نادرة الحدوث، وهو فقط من يحتاج إلى استئصال جراحي أو إلى ثقب باستخدام أداة حادّة من أجل السماح لدم الطمث بالتدفّق خارج الجسد. ورغم كلّ التطور العلمي، فلا يزال هناك تصوّر شائع على درجة كبيرة من الاتساع بأنّ البكارة «غشاء» يشبه الختم المقدّس.

من الناحية الطبيّة، فإنّ كلمة غشاء (المشتقّة من الكلمة اليونانيّة التي معناها: غشاء نسيجي أو جُليدة، والتي لا يمكن خلطها مع إله الزواج اليوناني) يجب استبدالها بكلمة أكثر دقّة هي: «الإكليل المهبلي». لقد بقيت هذه الحلقة من النسيج المتمدد من وقت تشكيل القناة المهبليّة أثناء التطوّر الجنيني. وعليه فإنّ البكارة كما تصفها هانّا بلانك هي: «الإطار المثبّت عند المدخ، والذي يميّز موقعه بين بداية الخارج ونهاية الداخل».

ليست وظيفة الرحم واضحة، ولكن من المحتمل أنّها كانت الحاجز الوقائي من الجراثيم والبكتيريا، ورغم ذلك لا يزال العلماء يسعون لتحديد وظيفة هذا الإكليل المهبلي. يقوم هرمون الأستروجين بشكل طبيعي بدفع الأنسجة للتمدد والانحسار مع نموّ الفتاة، ويختلف الشكل والحجم من شخص لآخر. والمثير للسخرية هو أنّ النوع الأكثر ندرة هو الإكليل الذي يمتدّ ليغطّي كامل القناة المهبليّة.

يتطوّر الإكليل المهبلي حين بلوغ المرأة سنّ ممارسة الجنس، من شكله الحلقي إلى شريط مطاطي بالكاد يمكن ملاحظته. ناهيك عن الطرق التي لا تعدّ ولا تحصى التي يمكن فيها للفتيات، صدفة أو عمداً، أن يمددنه أثناء ممارستهن نشاطاتهن العاديّة. إنّ المقارنة بين عدم النفع المطلق للبكارة بالمقارنة مع وزنها الثقافي في حياة المرأة، قد يجعلها أكثر قطعة لحم مبالغ في قيمتها في الجسد البشري، فهي توازي إجراء تشريح جنسي للتهمة.

لكن يمكن أن يسأل المرء: ماذا عن الأغطيّة المليئة بالدماء؟ أولاً: تشير آنّا نوفيل من رابطة التعليم الجنسيّة السويديّة إلى أنّ الدماء التي ترهق من الولوج أوّل مرّة هي إحدى أوجه أسطورة العذريّة التي نتقبلها بوصفها معياراً وسمة مميزة للتجربة الجنسيّة الأنثويّة. بالنسبة للكثير من النساء، 63% وفقاً لأحد الإحصاءات التي أجريت على عينات صغيرة، لم يكن فقدانهن لعذريتهن لا أمراً غير مريح جسدياً ولا مثيراً للفوضى. بل علاوة ذلك، يُرجع المربون الجنسيون أمر الدماء أثناء الولوج أوّل مرّة إلى ما وصفه مايكل كاستلمان: «عمليّة جماع غير مهيأة جيداً وغير مرطبة وتشبه آلية المكبس».

قد يكون عدم الرضا أيضاً مرتبطاً بالفتيات اللواتي لم يكنّ مستعدات بعد لممارسة الجنس أوّل مرّة ولكنهن اضطررن. وجدت دراسة أجراها معهد غوتماشر عام 2010 بأنّ الفتيات أقلّ توقاً من الفتيان للانخراط في عمليات جنسيّة في سنّ السادسة عشرة. وعند جمع هذا الأمر مع المناهج الجنسيّة التي لا تنفكّ تردد خطر الإصابة بالأمراض، مهملة تحضير الشباب لأيّ متعة مرتقبة، فلن تتوقع الشابّات أيّ مرح من فعل يرتبط عادة بنزيف الدماء وبإنجاب الأطفال. إنّ النظر إلى مدى أسطورة البكارة يجعلني أستغرب أنّنا نقدم على فقد عذريتنا أساساً.

 

آخر تعديل على الجمعة, 15 كانون1/ديسمبر 2017 11:26