«إسرائيل» ليست أكثر من قاتل همجي مدجج بالسلاح الغربي
People Dispatch وجوناثان كوك People Dispatch وجوناثان كوك

«إسرائيل» ليست أكثر من قاتل همجي مدجج بالسلاح الغربي

يقوم «الإسرائيليون» بإعدام مدنيين فلسطينيين في غزة أمام عائلاتهم، ويديرون معسكرات اعتقال تنتهك في شروطها أبسط متطلبات الإنسانية. ظهر مقطع فيديو جديد يظهر أنّ قوات الاحتلال «الإسرائيلي» تستخدم أشكالاً مختلفة من التعذيب ضد عشرات المعتقلين الفلسطينيين من غزة، في انتهاك كامل لقواعد الحرب الراسخة ومعايير حقوق الإنسان التي يتغنّى الغرب بها، وبأنّه يحرص على فرضها. كما أظهرت لقطات الفيديو، التي نشرتها عدة قنوات إعلامية الأسبوع الماضي، القوات «الإسرائيلية» وهي تجرّد العشرات من المعتقلين الفلسطينيين من ثيابهم في ساحة مفتوحة «ملعب على ما يبدو» وتجبرهم على الجلوس في صف واحد. وكان بعض المعتقلين الفلسطينيين معصوبي الأعين وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، ومن الواضح أن هناك أطفالاً وصغاراً بين المعتقلين.

ترجمة: قاسيون

وهذه الحادثة هي الثانية من نوعها في أقل من شهر حيث تبيّن أنّ القوات «الإسرائيلية» تنتهك بشكل واضح قوانين الحرب، والقوانين المتعلقة بأسرى الحرب، والقوانين التي تحظر التعذيب سواء لأسرى الحرب أو المعتقلين العاديين. في السابع من كانون الأول، تمّ بث مجموعة مماثلة من مقاطع الفيديو والصور على قناة تلفزيونية إسرائيلية، حيث شوهد عشرات الرجال الذين جردوا من ملابسهم الداخلية وهم جالسون في وسط الشارع، أو اقتادتهم القوات الإسرائيلية في شاحنة. وزعم التقرير أن هؤلاء هم رجال ينتمون إلى حركة المقاومة الفلسطينية حماس. كما قام «الإسرائيليون» بتوزيع مقطع فيديو يظهر فيه بعض المعتقلين وهم يسلمون أسلحتهم.
بعد نشر تلك الصور ومقاطع الفيديو، شكك الأفراد على وسائل التواصل الاجتماعي في مزاعم القوات «الإسرائيلية»، وتعرّفوا على أقاربهم وأصدقائهم وزملائهم من بين المعتقلين. وأكدوا أن معظم من ظهروا في الفيديو لا علاقة لهم بحماس وأنهم تعرضوا للاعتقال والإذلال والتعذيب على يد القوات «الإسرائيلية» الغازية. كما أعلن كثيرون عبر وسائل إعلام وتقارير مختلفة أيضاً بأنّ القوات «الإسرائيلية» التي صوّرت المعتقلين الفلسطينيين، قامت بفبركة وإعداد عملية استسلام زائفة. وقد أثبتت تقارير إعلامية تحقيقية لاحقة بأنّ معظم الرجال الذين ظهروا في الفيديو تم اختطافهم من قبل «الإسرائيليين» من مدرستي «خليفة بن زايد» و«حلب الجديدة» التي تستخدمهما الأونروا، حيث إنّ الأونروا تستخدم المدارس في محاولة لإيواء ما يقرب من مليوني فلسطيني نازح، أجبروا على ترك منازلهم بسبب القصف «الإسرائيلي».
كتب مصطفى البرغوثي، رئيس حزب المبادرة الوطنية الفلسطينية على موقع X في 20 كانون الأول، أنّ المعتقلين بالآلاف، ومن بينهم مدير مستشفى الشفاء، يتعرضون للتعذيب الوحشي والضرب المبرح على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي. يقوم «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان»، وهي منظمة حقوقية مقرّها جنيف، بجمع شهادات الفلسطينيين الذين تعرضوا للتعذيب في الاعتقالات «الإسرائيلية»، وقد طالبوا في رسائل خطيّة الكثير من الجهات للضغط من أجل إجراء تحقيق عاجل ونزيه فيما يخصّ انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب.
روى بعض الفلسطينيين المفرج عنهم من السجون «الإسرائيلية» تجربتهم المروّعة لوسائل الإعلام معلنين تعرضهم للتخدير والضرب على يد القوات «الإسرائيلية» لإجبارهم على الاعتراف بأنهم مقاتلون من حماس. وكانت على أجساد بعضهم آثار تعذيب واضحة. كما قال المعتقلون المفرج عنهم إن بعض زملائهم السجناء الذين اعتقلوهم معهم لم يتم إطلاق سراحهم، ومن المحتمل أنهم قُتلوا.

القتل بدم بارد أمام العائلات بتوثيق من الأمم المتحدة

نقلت بعض وسائل الإعلام الفرنسيّة عن اثنين من هؤلاء المعتقلين السابقين، نايف علي البالغ من العمر 22 عاماً وخميس البرديني البالغ من العمر 55 عاماً، قيام قوات الاحتلال بعد اعتقالهما من ضاحية الزيتون شرق غزة، بتقييد أيديهما خلف ظهورهما لمدة يومين كاملين. قال نايف علي: «لم يُسمح لنا بالأكل أو الشرب، ولم يُسمح لنا باستخدام المراحيض». وأضاف أيضاً أنّهم تعرضوا طوال فترة اعتقالهم للضرب على يد القوات «الإسرائيلية» التي قامت أيضاً «برش الماء البارد علينا قبل نقلنا إلى السجن». وتعرضوا للضرب والتعذيب في السجن أيضاً». وقد ظهرت تقارير وشهادات مماثلة منذ أن شنت القوات «الإسرائيلية» هجومها البري داخل غزة. وقد اعتقل «الإسرائيليون» آلاف الفلسطينيين في غزة، وعانى معظمهم من المعاملة اللا إنسانية والتعذيب مثل الضرب، والإساءات اللفظية، والبصق، والتبول عليهم، والتجريد من الملابس، والحرمان من النوم، وعصب الأعين، وعدم كفاية الأغطية خلال فصل الشتاء القاسي تحت الاعتقال «الإسرائيلي».
كما اتُهم الجنود «الإسرائيليون» بقتل معتقلين فلسطينيين في غزة من مسافة قريبة في عدة مناسبات منذ 7 تشرين الأول. وقد اعترفت الأمم المتحدة بتوثيقها بعض عمليات القتل هذه. أصدرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بياناً في 20 كانون الأول تؤكد فيه أنباء مقتل أحد عشر فلسطينياً بدم بارد، وذلك أمام أفراد عائلاتهم، على يد القوات المسلحة «الإسرائيلية» في حي الرمل بغزة في 19 كانون الأول.
كما وثّق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن أحد المعسكرات التي تديرها القوات الإسرائيلية لاحتجاز المعتقلين الفلسطينيين، سدي تيمان، يشبه مركز الاعتقال الأمريكي سيء السمعة في خليج غوانتانامو، الذي تم إنشاؤه خلال ما يسمى بالحرب على الإرهاب على الأراضي الكوبية المحتلة، ويستخدم لتعذيب مئات المعتقلين الذين زعم جلّادوهم تورطهم في «أنشطة إرهابية».
إن الهجوم الإسرائيلي على غزة يثير اشمئزاز الكثيرين لأنه يبدو من المستحيل تبريره. يبدو الأمر وكأنه ارتداد. إنه يكشف شيئاً بدائياً وقبيحاً في سلوك الغرب الذي تم حجبه لأكثر من سبعين عاماً بقشرة من «التقدّم»، من خلال الحديث عن أولوية حقوق الإنسان، وتطوير المؤسسات الدولية، وقواعد الحرب، ومن خلال ادعاءات الإنسانية.
نعم، كانت هذه الادعاءات زائفة دائماً، فيتنام، كوسوفو، أفغانستان العراق ،ليبيا أوكرانيا، تم بيعها جميعاً بناءً على الأكاذيب. كان الهدف الحقيقي للولايات المتحدة وحلفائها في حلف شمال الأطلسي هو نهب موارد الآخرين، والحفاظ على واشنطن كزعيم عالمي، وإثراء النخبة الغربية. ولكن الأهم من ذلك هو أن الخداع كان مدعوماً بسرد شامل. كانت الحروب تهدف إلى «مواجهة تهديد الشيوعية السوفييتية»، أو «الإرهاب الإسلامي»، أو «نزعة التوسّع الروسية المتجددة». كنتيجة طبيعية إيجابية، ادعت هذه الحروب أنها تحرر المرأة المضطهدة، وتحمي حقوق الإنسان، وتعزز الديمقراطية. لكن لا شيء من هذا التراكب السردي يعمل هذه المرة.
ليس هناك أي شيء إنساني في قصف المدنيين المحاصرين في غزة، وتحويل سجنهم الصغير إلى أنقاض، يذكرنا بمناطق الكوارث الزلزالية، ولكن هذه المرة كارثة من صنع الإنسان بالكامل. وحتى «إسرائيل» ليس لديها الجرأة للادعاء بأنها تحرر نساء وفتيات غزة من حماس لأنها تقتلهن وتجوعهن. كما أنها لا تتظاهر بأنها مهتمة بتعزيز الديمقراطية. بل إنّ مسؤوليها يعلنون بوقاحة بأنّ غزة مليئة بـ «الحيوانات البشرية» ويجب «تسويتها».
في الواقع، لم يكن من الممكن الإشارة إلى الأسابيع الماضية على أنها حرب. غزة ليست دولة، وليس لديها جيش. لقد ظلت تحت الاحتلال لعقود من الزمن، وتحت الحصار لمدة 16 عاماً - وهو حصار قامت فيه «إسرائيل» بإحصاء السعرات الحرارية المسموح بها للحفاظ على مستوى منخفض من سوء التغذية بين السكان الفلسطينيين. كما لاحظ الباحث اليهودي الأمريكي نورمان فينكلستين، من الأفضل أن يُفهم ما فعلته حماس في 7 تشرين الأول ليس على أنّه حرب، بل على أنّه ثورة عبيد

معلومات إضافية

العدد رقم:
1155
آخر تعديل على السبت, 06 كانون2/يناير 2024 21:41