روسيا ـ الصين: ترابط المرحلة - حوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبيل «أبيك» 2/2

روسيا ـ الصين: ترابط المرحلة - حوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبيل «أبيك» 2/2

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لوسائل الإعلام الصينية قبيل مشاركته في قمة «التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي- الأبيك»، في بكين: «إن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي هي مجرد محاولة أخرى من قبل الولايات المتحدة لخلق تعاون اقتصادي يخدم مصالحها الخاصة».

أجرى الرئيس فلاديمير بوتين مقابلة مع وسائل الإعلام الصينية الرائدة أثناء التحضير لزيارته إلى بكين، حيث شارك في قمة «أبيك» في العاشر من تشرين الثاني.

«الأخوّة في السلاح» أساس لعلاقتنا

(تتمة السؤال السابق): وفرت لنا الأخوة في السلاح والمساعدات المتبادلة لشعوب بلداننا، أساساً متينا للعلاقات بين روسيا والصين في الوقت الحاضر. اليوم، تهتم روسيا والصين بتعزيز الاستقرار العالمي، وتطوير التعاون الكبير على أساس القانون الدولي والدور الرئيسي للأمم المتحدة. كما أننا نعارض العودة إلى المواجهة الإيديولوجية في الشؤون العالمية، وندين بشدة أي محاولات لتزوير تاريخ الحرب العالمية الثانية. أنا واثق من أن الاحتفال القادم بذكرى النصر في روسيا والصين سيعزز التفاهم الثنائي والتعاون أكثر من أي وقت مضى.

أسعار النفط ونشاط المضاربة

السؤال: ما هي العوامل التي أدت، برأيك، إلى انخفاض أسعار النفط العالمية؟ وهل سيكون لهذه العملية تأثير كبير على الاقتصاد الروسي؟ كيف تتعامل روسيا مع آثارها السلبية؟

فلاديمير بوتين: بطبيعة الحال، إن التباطؤ في معدل النمو الاقتصادي هو السبب الواضح لانخفاض أسعار النفط العالمية، وذلك يعني تخفيض استهلاك الطاقة في مجموعة واسعة من البلدان. وعلاوة على ذلك، فإن احتياطات النفط الاستراتيجية والتجارية في البلدان المتقدمة هي في أعلى مستوياتها في التاريخ. كما أثرت الابتكارات الجديدة في تكنولوجيا إنتاج النفط، مما أدى إلى دخول كميات جديدة من النفط والغاز إلى الأسواق الإقليمية.

ويؤثر العامل السياسي دائماً في أسعار النفط. وعلاوة على ذلك، يبدو أن السياسة، خلال بعض لحظات الأزمة، هي المحدد الأساسي لتسعير موارد الطاقة. وهناك عامل سلبي آخر، وهو عدم وجود صلة محددة مباشرة بين أسواق النفط الفعلية والأسواق المالية التي تجري فيها التجارة. وفي الوقت نفسه، يجري استخدام كبير للمشتقات النفطية بفوارق كبيرة في تقلبات أسعار النفط. لسوء الحظ، فإن مثل هذا الوضع يهيئ الظروف لنشاط المضاربة، ونتيجة لذلك، يسخَّر تباين الأسعار لخدمة مصالح أشخاص محددين.

وبالتأكيد، لا يمكننا أن نتجاهل شروط تطوير أوضاع سوق النفط، مع الأخذ بعين الاعتبار الدور الهام للدخل الذي يقدمه إنتاج الوقود والطاقة في زيادة إيرادات الميزانية. وفي هذا الصدد، اتخذنا خطوات ذات طابع شامل وطويل الأجل. هم يتصورون تنوعاً أكبر في هيكلية ومصادر نمو الاقتصاد الروسي، بالإضافة إلى خفض الاعتماد المفرط على سوق النفط والغاز الأوروبي، من بين أمور أخرى ناتجة عن ازدياد صادرات النفط والغاز إلى بلدان منطقة آسيا والمحيط الهادئ. إلى جانب ذلك، نحن عازمون على تحسين السياسة المالية والنقدية وسياسة إنفاق الميزانية.

ومن الواضح أن المخاطر المرتبطة بالوضع الجديد في سوق النفط العالمية تؤثر إلى حد بعيد على مجموعة واسعة من الدول والشركات. لهذا السبب نؤيد حواراً مستمراً، بشأن هذه المسألة، مع الشركات الرائدة المنتجة والمستهلكة لموارد الطاقة.

بين شراكة المحيط الهادئ والاتحاد الأوراسي

سؤال: في الآونة الأخيرة، تم الإعلان عن تقدم كبير في خلق الشراكة عبر المحيط الهادئ. ويعتقد بعض الخبراء أن واشنطن تسعى لمواجهة «أبيك»، وذلك بسبب النفوذ المتنامي لروسيا والصين في المنطقة. كيف تقيمون احتمالات نجاح «أبيك» إذا تم تشكيل الشراكة عبر المحيط الهادي؟ 

فلاديمير بوتين: إن إبرام اتفاقات التجارة الحرة الإقليمية المختلفة هي واحدة من الاتجاهات العالمية. وليس من قبيل المصادفة انتشار هذه العملية على نطاق واسع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، التي أصبحت مركزاً للنشاط الاقتصادي والسياسي العالمي. توجد اليوم حوالي 70 اتفاقية من هذا النوع، وتم إجراء العديد من المشاريع. من بينها الشراكة عبر المحيط الهادئ الذي ذكرناه للتو، بالإضافة إلى شراكة اقتصادية إقليمية شاملة.

تسعى روسيا لتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي. وعلاوة على ذلك، نحن نعتقد أيضاً أنه لا ينبغي لاتفاقيات التجارة الحرة  أن تقسِّم النظام التجاري المتعدد الأطراف، وإنما تكمله، وتساهم في تعزيز ونمو الترابط فيما بين هذه الأطراف. لا ينبغي أن تقف الاتحادات الإقليمية ضد بعضها البعض وإلا ستنقسم. ينبغي أن تكون هذه الاتفاقيات شفافة ونزيهة وتلبي احتياجات كل اقتصاد. وينبغي أن يراعي التكامل الإقليمي الشفافية وتعزيز تبادل المعلومات في جميع عمليات التفاوض.

ونحن نهتم بشكلٍ خاص بنهجنا في تنفيذ مشروعنا التكاملي الذي نعطيه الأولوية، وأعني الاتحاد الاقتصادي الأوراسي. وتم تنفيذ القواعد والأنظمة المعمول بها في منظمة التجارة العالمية من خلال القيم والمبادئ الشفافة في نشاطات هذه الجمعية.

ليس من السهل بعد تقييم التقدم الذي أحرزته الشراكة عبر المحيط الهادئ. تتم هذه المبادرة من وراء الأبواب المغلقة، ولا تتمكن الشركات أو العامة من أبناء الدول المتعاقدة من الوصول إليها، فما بالك بالبلدان الأخرى. وقد سمعنا مراراً وتكراراً عن النجاح الذي تحقق، على مدى السنوات الخمس الماضية من المفاوضات، ولكن تم دحض مثل هذه التصريحات دائماً في وقت لاحق. حدث ذلك، في المرة الأخيرة، على أعتاب قمة أبيك في بالي في تشرين الثاني عام 2013. وبدت المسألة كما لو كانت استمراراً للمفاوضات، والتي تم «تجميدها» لأكثر من سنة حتى الآن. ولم تعلن أي مواعيد لاستئناف المفاوضات. ومن الواضح أن اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي هي مجرد محاولة أخرى من قبل الولايات المتحدة لخلق هيكلية لتعاون اقتصادي يخدم مصالحها الخاصة.

في الوقت نفسه ، أعتقد أن غياب اثنين من اللاعبين الإقليميين الرئيسيين مثل روسيا والصين في تكوينها لن يشجع إنشاء التعاون الاقتصادي والتجارة الفعالة.

يمكن للنظام المتعدد الأطراف للعلاقات الاقتصادية في منطقة آسيا والمحيط الهادي أن يكون قوياً فقط إذا ما أخذت مصالح جميع الدول في جميع أنحاء المنطقة بعين الاعتبار. وينعكس هذا النهج في مشروع خريطة الطريق الذي قدمته بكين لإقامة منطقة تجارة حرة في آسيا والمحيط الهادئ. وستتم مناقشة هذا المشروع في الاجتماع المقبل لقادة أبيك.

المصدر: موقع RT بالإنكليزية.

آخر تعديل على الإثنين, 24 تشرين2/نوفمبر 2014 12:25