بصراحة ... الحركة النقابية والمتغيّرات الجارية

بصراحة ... الحركة النقابية والمتغيّرات الجارية

كثيراً ما يجري تداول مصطلح «الفضاء السياسي الجديد والفضاء السياسي القديم» في معرض النقاش الذي يدور بين الأفراد، والقوى، والجماعات السياسية، دلالةً على التحولات السياسية الجارية في العالم والبلاد التي يُعبّر عنها بالحراك السياسي للقوى السياسية، والمجتمعية الناشئة والقديمة، وهذا يعني انتقال هذا النشاط إلى قطاعات واسعة من الشعب السوري، كانت مغيبةً عن العمل السياسي الحقيقي بفعل انخفاض مستوى الحريات العامة في التعبير والتنظيم، والتحولات هذه ستعكس نفسها بالضرورة على مجمل الشعب السوري برمته، كان «معارضاً أم موالياً»، أفراداً أم قوى سياسية

والحركة النقابية السورية جزء من هذا الواقع أصابها نصيب مما يجري، وهذا ما يتوضح من خلال الحوارات، والنقاشات، التي تتمحور حول موقع الحركة النقابية، ودورها القادم ومهماتها في الصراع السياسي، وحول مستقبل سورية، وكيف ستكون عليه، حيث سيكون له بالضرورة مضمونه الطبقي، وهنا بيت القصيد، أي إعادة ترتيب البيت النقابي والعمالي بما ينسجم مع ضراوة المعركة الطبقية السياسية التي ستفرض، خاصةً أن القوى الليبرالية، وقوى الفساد الكبير قد أسست لهذه المعركة منذ زمن، مما سبب اختلالاً في موازين القوى لمصلحة قوى رأس المال المتحالفة مع قوى الفساد الكبير داخل وخارج جهاز الدولة مكّنها من فرض برنامجها السياسي الاقتصادي، وكان جزءاً مهماً من برنامجها منعُ الطبقات الشعبية، ومنها الطبقة العاملة السورية، من امتلاك أدواتها الضرورية في الدفاع عن مصلحتها وحقوقها، المصادرة بفعل القوانين والتشريعات المعبرة عن مصلحة الطبقة المهيمنة اقتصادياً وسياسياً، بمعزل عن الفتات الذي كان يقدم تحت مسميات، وعناوين مختلفة «زيادة الأجور = الدعم لمستحقيه»، حتى هذا الفتات كان يعاد تدويره مرةً أخرى من جيوب الفقراء ليعمق أكثر فأكثر الأزمات الاجتماعية من بطالة وفقر وحرمان عكستها الإحصائيات والدراسات الاقتصادية المختلفة، وكذلك أحزمة الفقر العشوائيات المحيطة بالمدن، ومراكزها.
إن التراكم الكمي في الأزمات الاجتماعية والسياسية سيؤدي إلى تحول نوعي في النشاط والعمل السياسي عند أغلبية المتضررين من الأزمة، إذا ما ترافق مع وجود قوى سياسية جذرية حاملة لبرنامج التغيير السلمي المعبر عن مصلحة الأغلبية التي دفعت فاتورة الأزمة الوطنية، ونعتقد جازمين أن الطبقة العاملة السورية أكثر المتضررين من الأزمة وما قبل الأزمة.
في العقود الأخيرة تبدلت اللوحة السياسية، وتبدل معها واقع الحركة النقابية والعمالية بالرغم من الذي جرى من التغيّرات الحاصلة على واقع الطبقة العاملة التي زاد عددها، وتوسعت وتنوعت الصناعات والتكنولوجيا والمدن الصناعية، ولكن لم تكن هناك تبدلات نوعية في العلاقة الكفاحية معها لأسباب عدة لعبت دوراً مهماً في انكفاء الطبقة العاملة، وابتعادها عن الانخراط في العمل السياسي والأحزاب السياسية، وأيضاً العمل النقابي، وإن كانت شكلاً منخرطة في النقابات، وهذا لا يغيّر من واقع الحال شيئاً، لأن الجوهر في العمل السياسي، والنقابي، وجود مستوى من الحريات العامة، والاستقلالية في القرار تمكن القوى المختلفة من لعب الدور المطلوب منها، والانخراط في الدفاع عن حقوق مختلف الطبقات المظلومة بفعل قوانين السوق وقوى السوق التي تتطلب لمواجهتها برنامجاً سياسياً اقتصادياً اجتماعياً تقبل به الطبقة العاملة، وتقتنع بحامله قولاً وفعلاً.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1116
آخر تعديل على الخميس, 13 نيسان/أبريل 2023 12:28