من تاريخ النقابات الدمشقية
محرر الشؤون العمالية محرر الشؤون العمالية

من تاريخ النقابات الدمشقية

كانت مدينة دمشق من أهم مراكز تجمع الطبقة العاملة السورية في النصف الأول من القرن العشرين. وهناك تأسست النقابات الأولى، كما تأسس في دمشق أول اتحاد عمال محافظة، وبعدها الاتحاد العام لنقابات عمال سورية.

النقابات الأولى

العديد من النقابات العمالية في مدينة دمشق عشية الثورة السورية الكبرى، وأثناء تصاعد النضال الوطني العام ضد الاستعمار الفرنسي، والنضال الطبقي ضد أرباب العمل والرأسمالية والشركات الأجنبية التي جاءت مع المستعمر الفرنسي، واستثمرت في مختلف المجالات، منها: الخدمية، مثل: الكهرباء والسكك الحديدية، ومنها: الإنتاجية، مثل: شركة الريجي، كما كانت تسمى، وكذلك كان العمل واسعاً في مجال الحرير الطبيعي، حيث كانت تربى دودة القز في المناطق الساحلية وبعض المناطق الأخرى.
تأسست نقابة مستخدمي شركة سكة حديد دمشق- حماة عام 1920، وخاضت إضراباً من أجل زيادة الأجور، مما أدى إلى تعلم عمال الدباغة منهم وإعلانهم الإضراب. وظهرت نقابة في معمل النسيج الآلي في دمشق عام 1925، وكتبت جريدة الإنسانية حول ضرورة تكوين نقابات في كل من دمشق وحلب، وتأسيس اتحاد عام لنقابات سورية.
وتصاعدت الحركة العمالية أثناء الثورة الكبرى في كل أنحاء سورية ولبنان، وبشكل خاص في دمشق وبيروت وحلب، مثل: إضراب 2000 من عمال الحياكة و2000 من عمال الغزل والحرير في دمشق، وأطلقت سلطات الاستعمار الفرنسي على بعض الإضرابات اسم «المؤامرة البلشفية». وفي كل إضراب، شكل النقابيون الأوائل صناديق المساعدة لدعم العمال المضربين في بقية المدن السورية، حيث كانت المبادرة الأولى في تشكيل صناديق الإضراب للعمال والنقابيين الشيوعيين من أجل مساعدة العمال المضربين في المدن الأخرى.

تصاعد الحركة العمالية

في عام 1930 حدث إضراب ضخم لعمال النسيج في دمشق، وكتبت جريدة ألف باء الدمشقية عام 1931 أنه في كل يوم خلاف جديد بين عمال الحياكة وأصحاب المعامل، يؤدي إلى إضراب العمال وتوقف العمل.
وفي عام 1932 ألف الشيوعيون لجنة دعم إضراب عمال النسيج في حمص بينهم خالد بكداش، كما شكلوا في بيروت لجنة دعم إضراب عمال الكهرباء في دمشق، مما أدى إلى إحالة آرتين مادويان وزاديغ دودوريان إلى المجلس الحربي للاستعمار الفرنسي 1931.
وذكرت جريدة الألف باء الدمشقية أن 14 مندوباً يمثلون نقابات دمشق وطرابلس وعكار وحماة وبيروت اجتمعوا بتاريخ 9/10/1931 في قرية الشياح قرب بيروت، وانتخبوا ثلاثة منهم «فؤاد الشمالي وخالد بكداش وآرتين مادويان» لتمثيل العمال في مؤتمر نقابات العمال المتحدة بتاريخ 8/11/1931، إلا أن السلطات الاستعمارية منعتهم. وأضرب عمال التنظيفات وعمال الأحذية في دمشق احتجاجاً على الامتيازات الممنوحة للشركات الأجنبية، وكتبت مجلة المراسلات الأممية، أن الأزمة الاقتصادية قد أدت إلى المجاعة وموت الناس جوعاً، واتسعت حركة الإضرابات وتعمق النضال الجماهيري شبه المسلح الذي دلت عليه اصطدامات ضواحي دمشق وحلب عام 1932، وتعرض الوطنيون للسجن والاعتقال على يد الاستعمار.
بين عامي 1933-1934 حدث 45 إضراباً في مختلف أنحاء سورية شارك فيه 50 ألف عامل، بينها 18 إضراباً من تنظيم الحزب الشيوعي مثل: إضراب معامل الدخان على طريق الربوة، ومسيرة عمال الدخان في باب سريجة، مطالبين بالخبز، وإضراب عمال الدباغة وغيرهم.

1936-1957

بدأت فئات مختلفة من الطبقة العاملة منذ نهاية الثلاثينات بتأسيس النقابات العمالية في مدينة دمشق التي كانت قليلة العدد، وكثر عدد النقابات عشية الجلاء 1945-1946.
انعقد المؤتمر الأول لنقابات عمال دمشق عام 1936، وضم عبد الله شاغوري رئيس نقابة عمال الخياطة «حيادي» وكامل أشرف من نقابة الخياطة «حيادي» وبشير الخطيب أمين سر نقابة عمال الميكانيك «شيوعي» وسيمون شمشيخ من نقابة الميكانيك «شيوعي» ويوسف مصابني رئيس نقابة تركيب البلاط «حيادي» وجبران حلال أمين سر نقابة تركيب البلاط «شيوعي» ووجيه المحايري موظف البريد وأمين سر اتحاد نقابات دمشق «شيوعي» وعزة حصرية من نقابة الطباعة وصاحب جريدة العلم، التي تنشر أخبار الحركة النقابية «حيادي» وغيرهم، وطالبوا بتشريع قانون للعمل ومنع تشغيل الأحداث والنساء ليلاً وتحديد ساعات العمل بثماني ساعات وزيادة الأجور
وكانت أكبر النقابات الدمشقية نقابة عمال النسيج بقيادة الشهيد حسين عاقو والنقابي إبراهيم بكري، ولعبت هذه النقابات دوراً كبيراً من أجل التحضير لإضرابات عام 1946 التي انتزعت أول قانون عمل في تاريخ سورية ووقفت ضد الشركات الأجنبية.
ومن النقابيين الدمشقيين بين الثلاثينات ونهاية الخمسينات: يوسف باكير رئيس نقابة الدهانة، الذي تعرض لاعتداءات أرباب العمل، وداود رستم أمين سر نقابة النجارين، التي قادت أكبر إضراب للنجارين الدمشقيين عام 1945 واستمر 25 يوماً، وفؤاد بدوية من نقابة نجارة الموبيليا، وشكري صديق أمين سر نقابة الخياطة، وحسن حبش رئيس نقابة الفنادق، وتيسير الحموي رئيس نقابة الدباغة، وأديب بكيراتي رئيس نقابة عمال الأحذية وحفظي البيروتي أمين سر نقابة السكك الحديدية، ونعيم مخول من نقابة عمال المطاعم والفنادق وغيرهم. كما تأسست نقابات عمال السكاكر والقضمانية والدباغة والطيانة والكلاسة والتريكو والمطابع والبناء وغيرها من المهن.

معلومات إضافية

العدد رقم:
970
آخر تعديل على الأربعاء, 17 حزيران/يونيو 2020 10:02