النقابات المناضلة ضرورة للطبقة العاملة!

النقابات المناضلة ضرورة للطبقة العاملة!

ظهرت النقابات نتيجة نضالات العمال خلال معاركهم ضد المستغلّين من أجل تحسين ظروف وشروط العمل، حيث يسعى أرباب العمل بشكل دائم للحصول على أعلى وأقصى الأرباح التي يكون مصدرها الأساس تخفيض أجور العمال، وتكثيف استغلال العامل من خلال إطالة يوم العمل وتقليص شروط الصحة والسلامة المهنية إلى أقصى الحدود، أو حتى إلغائها والتهرب من تسجيل العمال لدى مظلة التأمينات الاجتماعية... إلخ من أساليب وطرق النهب والاستغلال التي تمارس على العاملين.

أغلبية الطبقة العاملة لا تحصل على الحد الأدنى للأجر الذي ضمنه الدستور والتشريعات والمواثيق الدولية من اتفاقيات العمل الدولية ومبادئ وميثاق الأمم المتحدة، وهو الحد المرتبط بمستوى المعيشة الضروري والذي يعاني منه العمال من خلال الارتفاع المستمر لأسعار كافة المواد التي تتطلبها المعيشة، وبالأخص منها المواد الأساسية والضرورية للحياة. فالحد الأدنى المعمول به اليوم من خلال جداول الأجور المحددة بقوانين العمل النافذة لا يستطيع أن يؤمن للعامل حتى سد رمق الجوع والعطش أو يستجيب لحفنة من بعض الحاجات الأساسية في حدها الأدنى.

النقابة سلاح العمال الأفضل لتحسين ظروف عملهم وتحسين شروطه، والنقابة هي مدرسة طبقية لوعي الطبقة العاملة لموقعها في المجتمع ووحدتها وتضم النقابات عمّالاً من مختلف الانتماءات السياسية وغيرها من الانتماءات، وعملية فرض خيار سياسي بحد عينه عليها والذي تمارسه أجهزة السلطة التنفيذية وأرباب العمل من خلال تلك الإجراءات البيروقراطية المختلفة، وأساليب وطرق الانتخابات التي اتبعت خلال العقود الماضية التي مازالت حتى اليوم، أدت وما تزال تؤدي إلى إضعافها وإبقاء غالبية العمال خارج هذه النقابات، وخاصة عمال القطاع الخاص، وتحويل المنظمة النقابية القائمة إلى قناة تيسير للسياسات الاقتصادية الليبرالية المعادية لحقوق ومصالح العمال والمجتمع، وأداة لتدجين العمال، ومساهمة في إخضاعها لسطوة أرباب العمل لدى قطاع الدولة والقطاع الخاص.
تحوَّلت النقابة إلى أداة تهادن طبقي، واستبدلت النضال النقابي وأدواته المجربة والناجعة في تحصيل الحقوق بالرهان على المذكرات والكتب، مما نتج عنه تغيير شامل لوظيفة النقابة، ولأساليب النضال، وللديمقراطية الداخلية في صفوف الحركة النقابية، ولطبيعة العلاقة مع أرباب العمل المختلفة. وجل ما نتخوف منه- إذا استمرت هذه الحالة والطريقة في العمليات الانتخابية والأساليب الكفاحية المتبعة التي أثبتت عدم جدواها بغية تحصيل حتى أقل الحقوق والمطالب العمالية، سواء بالأجور أو الصحة والسلامة المهنية أو الطبابة وحتى متممات الأجر من إضافي وطبيعة عمل وحوافز وغيرها من الحقوق- أن يكون مصير الحركة النقابية التشرذم وفقدان وحدة الطبقة العاملة مما يسهل على أعدائها افتراسها بكل سهولة، لقد حان الوقت لوقف هذه الأساليب التي تحد من إرادة العمال في اختيار ممثليهم في النقابات.
آن الأوان لابتكار وضع جديد يمضي بعيداً عن هذه الأساليب والوسائل التي تعمل بها النقابات اليوم، والتي لا تساهم أو تساعد في توحيد صفوف العمال والحركة النقابية، إن الحرب بين العمال ومستغليهم دائمة، والمعركة القادمة أكبر وأشرس وبظروف أعقد، ظروف إعادة الإعمار وبناء المصانع والمنشآت، لذلك لا يجوز أن تبني المنظمة النقابية سياستها على الانتصارات فقط، بل على النكسات والهزائم كذلك، وهذه مهمة النقابيين الكفاحيين المتسلحين بإرادة التغيير الشامل والجذري للمجتمع، والمقتنعين أن طبقة العمال هي قائدة هذا التغيير، وأنَّ النضال النقابي مدرسة لتربية العمال لوعي وحدتهم وقوتهم، والتعرّف على أعدائهم وأسلحتهم  وخُدعهم المختلفة. ويجب ألّا تكون المفاوضات والاتفاقات مع المستغِلين قيداً يكبل حرية العمال النقابية ونضالهم.
إن الخطر الكبير والشبح الذي يهابه المستغلون هو إحياء الديمقراطية في صفوف الحركة النقابية، وخاصة عند اختيارها ممثليها المشهود لهم بنضالهم ووعيهم اتجاه حقوق طبقتهم العاملة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
938
آخر تعديل على الجمعة, 16 نيسان/أبريل 2021 15:35