الانتخابات دساتير النقابات

الانتخابات دساتير النقابات

النقابة لغةً، تعني الرئاسة، وهي على وزنها، ويقال لكبير القوم نقيباً أو رئيساً أو عقيداً. ومن هنا جاءت تسمية نقيب الأطباء أو نقيب المعلمين وسواهما، وعلى ذلك تم تأسيس (رابطة) أو (جمعية) أو (اتحاد) لذوي المهن والحرف سميت (نقابات). وللنقابات أنظمة داخلية هي بمثابة دساتير يتم اتباعها. فمن أساساتها مثلاً نظام الانتخابات. ومهمات النقابات المهنية تأتي بالدرجة الأولى لتنظيم ممارسة المهنة، بينما تهتم النقابات العمالية بالدفاع عن حقوق أعضائها.

واصطلاحاً، هي هيئة قانونية تتكون من مجموعة من المواطنين الذين يتعاطون مهنة واحدة أو مهناً متقاربة.
النقابة، هي جمعية تُشكَّل لأغراض المفاوضة الجماعية أو المساومة الجماعية بشأن شروط الاستخدام ولرعاية مصالح أعضائها الاقتصادية والاجتماعية عن طريق الضغط على الحكومات والهيئات التشريعية والالتجاء إلى العمل السياسي في بعض حالات معينة.

لماذا لم تستطع النقابات فرض رؤيتها؟

الانتخابات هي جوهر المنظمات النقابية، واليوم نحن على أبواب الانتخابات النقابية حيث ستجري هذه الانتخابات كما في السنوات السابقة في وضع لا تُحسد عليه الطبقة العاملة، نتيجة السياسات الليبرالية الاقتصادية للحكومات السورية المتعاقبة في مقابل التضييق على الحريات النقابية، والعمل على إفراغ منظمات العمل من أي مضمون نضالي وتحويلها إلى مجرد جمعيات، ولذلك لم تستطع هذه المنظمات في أية دورة انتخابية الوفاء بوعودها للعمال، ولا في تحسين ظروف العمل، ولم تستطع الوقوف في وجه الحكومة وقراراتها التي صبت في صالح قوى رأس المال، وكانت أكثر من عاجزة عن فرض رؤيتها فيما يتعلق بقوانين العمل وبالقوانين الاقتصادية التي صدرت خلال الدورة الماضية، والتي صبت في صالح قوى الفساد، ولم تطالب بتطبيق نصوص الدستور الجديد فيما يخص حقوق الطبقة العاملة بالحد الأدنى.

انتخابات حرة أول خطوة لإنقاذ النقابات

جردة حساب يجب أن تجريها نقابات العمال قبل البدء بالانتخابات لتُشخّص أسباب عجزها عن الدفاع عن مصالح العمال، لأن مصداقيتها باتت على المحكّ، وهي وحدها الخاسرة إذا انفض العمال من حولها، وهو ما يتمناه البعض ويسعى إلى الوصول إلى تفتيت منظمات العمال وتفريغ اتحاداتهم من أية قوة، فمن المفترض أن منظمات العمل تستند إلى قوتها، التي تستمدها من اعتراف العمال بها كقوة تمثلهم، وهي هنا تفاوض وتفرض رؤيتها من موقع القوة.

المادة الثامنة القديمة هي الكارثة

لعل أحد أهم الأسباب في وصول النقابات إلى هذا المستوى من العجز هو الوصاية الحزبية والأمنية على الانتخابات، حسب نص المادة الثامنة من الدستور السابق، واعتماد القوائم المغلقة، واستبعاد تطبيق المادة الثامنة من الدستور الجديد، والتي حرمت القيادة النقابية من القرار المستقل، وثبتت شعار نحن الحكومة شركاء.
لذلك إلغاء المادة الثامنة القديمة فعلياً وواقعياً من الحياة الانتخابية- وخاصة في النقابات- هو أحد أهم الأساليب لعودة كسب ثقة العمال، فحين يستطيع العامل التعبير عن رأيه بكل حرية، ويعلم بأن صوته مؤثر في إيصال ممثلين حقيقيين إلى النقابات ستعود ثقته بالنقابات، وسيلتف العمال حولها، لأنها وقتها ستمثلهم بالفعل.
وانتخابات دستورية ستوصل إلى النقابات مناضلين، وليس موظفين، وسيعملون على تطبيق الدستور، وخاصة فيما يخص الطبقة العاملة من حيث الدفاع عن حق الإضراب وتعديل قوانين العمل بما يتوافق معه والوقوف بوجه القوانين الحكومية التي تخالف الدستور نصاً وروحاً.
النقابات ليست مؤسسة حكومية تابعة للسلطة التنفيذية، بل هي منظمات خاصة، تعنى بالعمال، وظيفتها الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة. لذا يجب التوقف عن التدخل في شؤونها لكي تستطيع ممارسة مهامها بكل حرية، وخاصة أن هذه الحرية مكفولة بالدستور وبالاتفاقيات الدولية، ففي الوقت الذي يجري فيه العمل على خصخصة القطاع العام بأشكال مختلفة، يجري تأميم النقابات وتشديد الخناق عليها عكس ما يفترض أن يكون.
كما أن الانتخابات النقابية إذا تمت بطريقة حضارية ودستورية ستكون مدرسة للعمال في ممارسة الديمقراطية، وخاصة أننا مقبلون على استحقاقات كبيرة على مستوى الوطن، وسيكون صوت المواطن مؤثراً فيها، بعد تغييب صوته لفترة طويلة من الزمن.

معلومات إضافية

العدد رقم:
933
آخر تعديل على الإثنين, 30 أيلول/سبتمبر 2019 16:15