من دفع الفاتورة؟

أعوام انقضت من عمر الأزمة الوطنية السورية، تجلت فيها عمق الأزمة، السياسية والاقتصادية الاجتماعية، والديمقراطية، التي دعمتها السياسات الليبرالية عبر حزمة واسعة من الإجراءات والتشريعات، حيث انقسم المجتمع تقريباً إلى طبقتين أساسيتين من حيث نصيب كل منهما من الدخل الوطني «أجور- أرباح»، وهذا يعني من الناحية السياسية والاقتصادية، أنّ الأغنياء ازدادوا ثراءً ونفوذاً، والفقراء ازدادوا فقراً، وتقيدت حريتهم في الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم.

الطبقة العاملة السورية لها الحصة الأساس من فاتورة الأزمة المدفوعة إلى الآن، لأنها خسرت معظم مواقعها الإنتاجية، سواء في قطاع الدولة أو القطاع الخاص، الذي فقد جزئياً أو كلياً معظم عماله فرصتهم بالعمل بسبب إغلاق منشأتهم أو تدميرها، ومن هنا يمكن القول: إن فقراء الشعب السوري بعمّاله وفلاحيه وحرفييه لهم مصلحة حقيقية في الحلول الحقيقية لأوضاعهم، التي تعاق بأشكال مختلفة من قوى لها مصلحة في استمرار الأزمة.
عندما نقول: إن الحل السياسي: هو الذي يضمن وحدة سورية أرضاً وشعباً وهو خشبة الخلاص، فإن هذا يعني للطبقة العاملة، انفتاح الأفق أمامها في الدفاع عن حقوقها، ومصالحها المعبرة عن المصالح العامة لأغلبية الشعب السوري، التي جرى الهجوم عليها من خلال السياسات الليبرالية التي تبنتها الحكومات السابقة، واللاحقة قبل الأزمة وأثناءها.
في الاجتماع الأخير للمجلس أطلق رئيس الوزارة نداءً باسمه واسم الوزراء الحاضرين، وضم إليهم أعضاء المجلس بأهمية وضرورة زيادة الأجور، وهذا يعني: أنّ الحكومة لا تملك القرار بزيادة الأجور استناداً لما قاله رئيس الوزارة، وهذا يعني من الناحية العملية والدستورية: بقاء الأجور على ما هي عليه من حالة انخفاض في قيمتها الحقيقية، وبقاء الطبقة العاملة وكل العاملين بأجر يترنحون في فقرهم وعذاباتهم حتى يأتيهم الفرج من غامض علمه كما يقول الناس، هذا أيضاً يجعل الحركة النقابية في موقف صعب تجاه حقوق العمال ووضعهم المعيشي المتردي الذي يتعقد كل يوم دون حلول، ونعتقد أنه ليس هناك من حلول طالما أن السياسات المتبعة هي سياسات تؤمن كل ما تحتاجه قوى رأس المال والفساد الكبير للاستيلاء على المزيد من الثروة المنتجة، ويكون الحل الحقيقي المفترض، مواجهة ناهبي الثروة وإعادتها لأصحابها، وهذا ممكن ومشرع دستورياً، والنقابات من المفترض أن تكون جزءاً أساسياً من القوى الوطنية الحاملة لمشروع التغيير الجذري الذي سيؤمن أعلى نسبة نمو وأعمق عدالة اجتماعية، أليس هذا هدفها؟

معلومات إضافية

العدد رقم:
916