منظمة العمل الدولية..جعجعة بلا طحن
عادل ياسين عادل ياسين

منظمة العمل الدولية..جعجعة بلا طحن

تأسست منظمة العمل الدولية عام 1919 وأصبحت إحدى الوكالات المتخصصة بشؤون العمل التابعة للأمم المتحدة عام 1946 أي: ما بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وتكون موازين القوى ما بعد تلك الحرب الكونية التي عبرت فيها هذه المنظمة عن ذاك التوازن الجديد الناشئ من خلال قراراتها والاتفاقيات الصادرة عنها حيث سادت مرحلة الرفاه الاجتماعي الذي عاش العمال الأوربيون بكنفه عقوداً من الزمن نتيجة التوازن في القوى بين المعسكرين المتكونين ما بعد الحرب.

ترتكز منظمة العمل الدولية في عملها كما هو مطروح في وثائقها على مبدأ: «أن استقرار السلام في العمل عنصر لاغنى عنه لرخاء العالم» وهي تساعد الرجال والنساء في الحصول على عمل لائق ومثمر في جو من الحرية والمساواة والاطمئنان والكرامة الإنسانية.
الرفاه الاجتماعي في خبر كان
الكلام المعبر عنه في تلك الوثائق شكلاً يمكن الاتفاق معه ولكن الحقيقة عكس ما تطرحة وثائق المنظمة الأممية باعتبار أن رأس المال المهيمن على الاقتصاد والسياسة هو من يعمل وفقاً لمصالحه على قضية الحرب والسلام بالنسبة له هو خضوع الشعوب ومقدراتها لعملية النهب التي تمركز ثروته أكثر وتجعل الشعوب بحالة مستعصية من الفقر والتخلف والجوع وهذا الكلام المصدر لنا لا قيمة له أمام الواقع الذي تعيشه شعوب الجنوب بما فيها دول الأطراف المحسوبة جغرافياً على القارة الأوروبية فشعوبها تعاني مثلنا.
إن ميزة الرفاه الاجتماعي المتمثل بالمستوى المعيشي وبجملة الحقوق التي كان يحصل عليها العمال الأوربيون لم تدم طويلاً مع تبني السياسات الليبرالية في منتصف السبعينات حيث استكمل الهجوم على ما كان العمال يحصلون عليه بعد انهيار الاتحاد السوفيتي والاختلال الذي حصل بعدها في موازين القوى على الصعيد العالمي من سيادة القطب الواحد المتحكم بمصير العالم والعباد اقتصادياً وسياسياً بواسطة آلات الحرب وأدواتها المختلفة.
خيار وفقوس في المنظمة
منظمة العمل الدولية التي تضم أطراف العملية الإنتاجية الثلاثة «ممثلي الحكومات وممثلي أرباب العمل وممثلي العمال» ومن ضمنهم هناك عشرة مقاعد دائمة للدول المتقدمة أي: أنّ لهم ميزات لا يتمتع بها بقية الأعضاء بسب تحكمهم بالتمويل الذي تحتاجه المنظمة والسبب الأهم هو: تحكمهم بالوضع الاقتصادي العالمي فهل ضمن هذه الخارطة مكان للدول الفقيرة الأعضاء سواء كانوا عمالاً أو غير عمال لهم حق الاعتراض أو عدم الموافقة.
سياسة التوفيق بين المصالح
منظمة العمل الدولية في مؤتمراتها تحاول الوصول إلى التوفيق بين مصالح من يملك ويقرر وبين من لا يملك وليس بيده سلطة القرار وهذا التوفيق المطلوب يمر عبر عدد كبير من الأفكار والمصطلحات التي توحي بأنها تحقق مصلحة العمال مثل: مصطلح العمل اللائق والحوار الاجتماعي والمساواة ودعم الحماية الاجتماعية وغيرها من المفردات التي لم تقدم للطبقة العاملة أينما وجدت سوى تلك المفردات وبقي العمال يواجهون دفاعاً عن حقوقهم المختلفة وحيدين وأحياناً كثيرة مقموعين من تلك الوفود الحاضرة للمؤتمرات باعتبارها تمثل الحكومات وأرباب العمل مجتمعين.
الحراك العمالي سيغيّر الواقع
إن الواقع على الأرض يتغير من حيث الحراك الواسع الذي تشهده الطبقة العاملة على الصعيد العالمي وفي الخصوص في القارة العجوز وتطور الحراك هذا هو تعبير أيضاً عن التغير في موازين القوى التي تعني انفتاح الأفق أمام الطبقة العاملة وعموم الفقراء من أجل انتزاع حقوقهم التي سلبتها منهم قوى رأس المال وطليعته رأس المال المالي الإجرامي ولن يغير من واقع الحراك وتطوره الموضوعي كل ما تقوم به منظمة العمل الدولية من توجهات وما تقدمه من قرارات سواء كان في «الاقتصاد الأخضر» التي تقول عنه المنظمة أنه مناسبة لتحقيق انتقال عادل تصب جميعها في خدمة القوى المهيمنة التي تتقلص هيمنتها وتتراجع قواها وتتعمق أزمتها.

معلومات إضافية

العدد رقم:
814