عمال «زنوبيا»: العمل في سبيل الحقوق
غزل الماغوط غزل الماغوط

عمال «زنوبيا»: العمل في سبيل الحقوق

شركة زنوبيا واحدة من كبرى شركات القطاع الخاص السورية اليوم، وهي تقع في منطقة الكسوة، وتضم خمسة معامل وآلافاً من العمال المتعطشين لاستعادة حقوقهم بالسبل المشروعة كلها، فهم كسائر عمال القطاع الخاص، يواجهون ظلم أرباب العمل وتطاولهم على حقوق عمالهم طمعاً في أرباح أكبر مهما كان الثمن. 

 

لكن ما يميز عمال زنوبيا عن رفاقهم، هو أنهم اكتشفوا منذ فترة لا بأس بها أن ثمة في أيديهم سلاحاً لا يستهان به، وهو سلاح من شأنه أن يعيد لهم حقوقهم المستلبة أو بعضاً منها على الأقل، دون أن يخل بالدستور، ألا وهو الإضراب، فقد مكّن الإضراب المنظم والمخطط له جيداً. عمال الشركة من استعادة حقهم في أجر أعدل مما كانوا يحصلون عليه في السابق، إلى جانب استجابة رب العمل  لمطالبهم المحقة الأخرى، ما أثمر ظروف عمل أكثر عدالةً وراحةً. لكن المشوار لم ينته بالنسبة للعمال، إذ ما تزال في جعبتهم مطالب محقة أخرى يسعون إليها، بالوسائل المشروعة المختلفة.

السلامة أولاً

من القضايا الملحة التي يطرحها عمال الشركة اليوم موضوع الصحة والسلامة المهنية، والتي يفتقدونها بشدة في معملهم، ويمكن إجمالها في عدة جوانب، أولها: عدم وجود طبيب في الشركة، فالعمال في واد والطبيب في واد، وهو ما يتنافى مع أبسط مبادئ السلامة التي تنص على وجود طبيب في موقع العمل، وليس في مدينة أخرى! والطريف في الأمر أن الطبيب نفسه لا يتواجد أحياناً في عيادته، ويتركها في عهدة أخ أو قريب ممن لا علاقة له بالطب لا من قريب ولا من بعيد وكأن معالجة العمال وإنقاذ حياتهم ليست بأمرٍ ذي شأن، أضف إلى ذلك مشكلة عدم وجود سيارة إسعاف مجهزة لإسعاف العامل في حال تعرضه لإصابة خطرة، في مهنة من المعروف أنها تحمل مخاطر جمةً وعوضاً عن ذلك يتم نقل المصاب في سيارة عادية.

 غياب اللباس الواقي!

يعد اللباس العمالي الكامل ضرورةً ملحةً في المهن الخطرة، وهو ما يفتقده عمال زنوبيا، الذين يقتصر لباسهم على الكمامة والقفازات والنظارات الواقية لبعض الاختصاصات، والخوذة التي تقدم لهم عند وجود تفتيش فقط، وفيما عدا ذلك فقد حرم العمال من الأفرولات والحذاء العمالي «السيفتي» والضروري جداً في المهن الخطرة.

من وحي الواقع

ومن القصص التي استفزت العمال وأثارت حفيظتهم، إصابة أحد عمال الوردية المسائية بنوبة كلوية، وامتناع رئيس الوردية المسائية عن إسعافه بحجة أنها ليست إصابة عمل، تاركاً المريض يتلوى ألماً على الأرض، حتى قام زملاؤه باستدعاء أحد معارفه لنقله بسيارته الخاصة إلى الطبيب، ويتساءل العمال: أي معمل هذا الذي لا طبيب فيه ولا سيارة إسعاف، وفوق ذلك لا إنسانية أيضاً، ويضيف البعض بتهكم كان على العامل المسكين أن يلقي بنفسه من أحد الطوابق كي يتم إسعافه بإصابة عمل !

التأمينات حق لا تنازل عنه 

إلى جانب القضايا المتعلقة بالسلامة، تتجدد مطالبة العمال بتسجيلهم في التأمينات، بناءً على الراتب الحقيقي بدلاً من المقطوع، وهو ما وعدت به الإدارة منذ مطلع العام، لكن الوعود تبقى وعوداً إلى أن تصبح حقيقةً.

وترجع أهمية هذا المطلب إلى أن التأمينات الاجتماعية تتقاضى ما نسبته 7% من أجر العامل وما نسبته  14%  من الأجر حصة رب العمل، وتعود هذه المبالغ إلى العامل في حال تعرضه لإصابة عمل أو عند استقالته وعند تقاعده، ورغم أن القانون ينص صراحةً على أن هذه النسب تؤخذ من الراتب الحقيقي بعد تسجيله لدى التأمينات، فإن كثيراً من أرباب العمل في القطاع الخاص يتنصلون من ذلك ويسجلون العامل براتبه المقطوع فقط، ما يتسبب له بخسائر كبيرة عند تقاعده ويذهب حقه إلى جيب رب العمل، لتزداد ثرواته على حساب عماله.

ولا يعي كثير من العمال هذه الحقيقة، فيطاوعون رب العمل فيما يريد ويتركون الأمور للتيسير كما يقال، مقدمين حقوقهم على طبق من ذهب إلى هذه الشريحة الجشعة.

خطوة على الدرب

ورغم أن مشوار عمال القطاع الخاص عموماً، وعمال زنوبيا على وجه الخصوص، ما يزال طويلاً إلا أنهم على الطريق الصحيح فقد أدركوا أنّ لهم حقوقاً، لن يحصلوا عليها ما لم يطالبوا بها بشتى الوسائل المشروعة، وفي مقدمتها الإضراب باعتباره حقاً راسخاً وسلاحاً قوياً في وجه جشع أرباب العمل.

معلومات إضافية

العدد رقم:
805