بصراحة: الطبقة العاملة ومشروعية حق الإضراب

مشروع الدستور الجديد بما جاء فيه حول الحريات العامة يعد قاعدة انطلاق  جديدة أمام الحراك الشعبي السلمي بما فيه الطبقة العاملة السورية لكي تعيد تنظيم نفسها انطلاقاً من حقها المشروع في التعبير عن حقوقها والدفاع عن مكتسباتها حيث كانت فاقدة لهذا الحق ولم يكن متاحاً لها ذلك بسبب جملة من الموانع يأتي في مقدمتها الإجراءات الاستثنائية التي لعبت دوراً مهماً في منع العمال من استخدام حقهم المشروع الذي أقرته لهم اتفاقيات العمل العربية والدولية التي وقعت عليها سورية وأصبحت واجبة التطبيق والتفعيل،

ولكن لم يحدث من هذا شيء على الصعيد الواقعي لا بل تم التأكيد مراراً وفي أكثر من مناسبة على عدم حاجة الحركة النقابية والحركة العمالية لهكذا حق طالما يجري تلبية ما نتقدم به من مطالب عمالية مع العلم أن الكثير من المطالب العمالية جرى إهمالها وتغييبها وهذا ما تؤكده معظم المداخلات التي تقدم بها العمال النقابيون وجرى تكرارها في كل المؤتمرات التي عقدت مما جعل العمال يتساءلون عن دور الحركة النقابية المفترض في تأمين مستلزمات الدفاع عن حقوقهم ومطالبهم التي أعتدت عليها السياسات الاقتصادية الليبرالية وجردتهم من الكثير من مكتسباتهم وأهمها بأن يحصلوا على أجر عادل متناسب مع تكاليف المعيشة التي ارتفعت كثيراً بسبب تلك السياسات حيث تعمقت ظاهرة الفقر والبطالة إلى مستويات غير مسبوقة من قبل والتي أصبحت فيها السياسات الليبرالية هي السائدة في الاقتصاد الوطني واستطاعت أن تفرض برنامجها الليبرالي في القضايا المتعلقة بحقوق الطبقة العاملة حيث جردت من استقلاليتها، عندما وافقت الحركة النقابية على تبني التوجه نحو النقابية السياسية كخيار أساسي ورئيسي يحدد توجهاتها وطرق عملها مما أوقعها لاحقاً في تناقض عميق مع من تمثل مصالحهم وخاصة مع تبني اقتصاد السوق الاجتماعي الذي أصبح فيه كل شيء خاضعاً لقوانين السوق المتوحشة بما فيها حقوق العمال وفي مقدمة ذلك قوة العمل التي تعرضت لأوسع هجوم على أجورها لأسباب عده يأتي في مقدمتها الارتفاع الكبير للأسعار غير المتناسبة مع الأجور الحقيقية وتكاليف المعيشة وفي المقلب الآخر من الهجوم ماتعرض له عمال القطاع الخاص من انتهاك لحقوقهم مع صدور قانون العمل الجديد رقم 17 الذي جاء متوافقاً مع قوانين السوق وتلبيه لإرادة الاستثمار الأجنبي والمحلي في أن يصدر قانون عمل لايستطيع العمال الدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم التي كانت في قانون العمل السابق وخاصة ما يتعلق بقضايا التسريح التي يتعرض فيها عمال القطاع الخاص لأوسع عملية تسريح بسبب عدم وجود حماية حقيقية قانونية أو إجتماعية تحمي حقهم الطبيعي في أن يكون لهم عمل دائم .    

لقد جرى تقديم الكثير من التسهيلات لقوى السوق للتحكم والسيطرة على قوة العمل وحرمت الأخيرة من حقها الطبيعي في الدفاع عن حقوقها بالطرق السلمية والمشروعة التي أقرت بها اتفاقيات العمل الدولية والعربية ويأتي على رأسها حق الإضراب عن العمل كحق مشروع تمارسه ألطبقه العاملة عندما تنقطع سبل إيجاد الحلول والتفاهمات مع أرباب العمل حول ما يتقدم به العمال من مطالب تقرها قوانين العمل والعرف العام ولا يقبل بها أرباب العمل .

لقد طرحت منظمة العمل الدولية ضرورة اللجوء للحوار بين أطراف الإنتاج الثلاثة لحل الخلافات الناتجة عن العمل والسؤال المشروع هو: كيف يمكن أن يكون هناك حوار اجتماعي إذا لم يكن هناك تساو في الحقوق للأطراف المتحاورة من حيث القدرة على الرفض أو القبول أو التسوية حول ما يجري التحاور عليه؟

إن الوقت مناسب الآن للحركة النقابية والحركة العمالية في سورية وفي ظل انفتاح الأفق العالمي والمحلي الجماهيري ومع بداية التغير الحاصل في موازين القوى العالمي أن تعملا على تعديل موازين القوى المحلية باتجاه اجتثاث الفساد وحماية الاقتصاد الحقيقي في القطاع العام والخاص من أجل عدالة ونمو حقيقيين يؤمنان المصالح الأساسية للطبقات الشعبية الفقيرة مستخدمين في ذلك كل الوسائل النضالية المشروعة بما في ذلك حق الإضراب، الأمر الذي يعني توفير الظروف للدفاع عن الوطن.

معلومات إضافية

العدد رقم:
541
آخر تعديل على الإثنين, 19 كانون1/ديسمبر 2016 03:19