المعامل السورية والمعادلة الصعبة..
سمر علوان سمر علوان

المعامل السورية والمعادلة الصعبة..

أعباء إضافية ترهق كاهل آلاف العمال السوريين اليوم، فالأزمة وتداعياتها تسببت في ترك كثيرين لعملهم مكرهين، وتحملت البقية الباقية مزيداً من المسؤوليات  للاستمرار في مسيرة العمل، وأصبحت منشآتٌ كثيرة تنهض على سواعد عدد من العمال لا يتجاوز نصف كادرها سابقاً، ومع ذلك لم يحظ العامل الذي بات يقوم بعمل اثنين أو ثلاثة أشخاص بأي تعويض يذكر، أو زيادة في الأجر تتناسب مع الجهد الإضافي الذي يبذله.


بلغة الأرقام
معظم المنشآت، التي قدر لها أن تستمر برغم الأزمة، فقدت أعداداً كبيرة من عمالها، حتى بات التحدي الأكبر أمامها هو إيجاد أيدٍ عاملةٍ خبيرة، تنهض بأدائها وتحقق خططها الإنتاجية المأمولة، وهو ما توضحه الأرقام المنشورة منذ بدء الأزمة حتى الوقت الحالي، مثلاً فقدت الشركة العربية المتحدة للصناعة، والتي تنتج الغزول القطنية والأقمشة، ما يقرب 290 عاملاً وذلك منذ بداية عام 2010 وحتى نهاية 2014، في حين خسرت الشركة العامة لصناعة الكابلات في دمشق خلال الأزمة ما يزيد عن 400 عامل، ما جعلها تفتقر بشدة إلى الأيدي العاملة الشابة والخبيرة، القادرة على النهوض بأدائها.
وعلى مستوى النقابات خسرت نقابة الصناعات الخفيفة، على سبيل المثال لا الحصر، ما يقرب نصف العمال المنتسبين إليها خلال الحرب، إذ تبقى منهم 2390 عاملاً، في حين أن عددهم قبل الأزمة بلغ نحو 4200 عاملاً.
نقص شديد
وتنطبق المشكلة ذاتها على الشركة العامة للصناعات التحويلية، والتي تشتكي من الحاجة الماسة إلى العمال، إذ يبلغ عدد عمالها 60 عاملاً ، 29 منهم فقط من ملاك الشركة، ويتحمل هؤلاء العمال، رغم قلتهم، مسؤولية استمرار منشأتهم بالإنتاج، في ظل مكافآت بسيطة للغاية، لا تفي بأبسط حقوقهم، فمثلاً يتولى العامل الذي يقوم بمهمة رئيس مرآب في الشركة، العمل كسائقٍ لباص نقل العمال، وكذلك كمسؤولٍ عن توصيل المنتجات. 
القطاع الصحي أيضاً
ولا تقتصر المعاناة على المنشآت الصناعية، إذ يعاني عمال القطاع الصحي مشكلة مماثلة، ذلك أن مديريات الصحة، في مختلف المحافظات، تعاني من  تسرب أكثر من ألف عامل من ملاكها، وعدم تعيين عمال آخرين بدلاً عنهم، ما حمّل العامل المستمر في أداء عمله أعباء كبيرة، وقاد بالطبع إلى تدني جودة الخدمة الصحية المقدمة للمواطن.
تدوير ومماطلة
وتتجدد مطالب العمال في كل ملتقى عمالي بتعديل نظام الحوافز، بما يصون حق العامل ويحترم جهده الإضافي، كذلك تكرر مطالب الإدارات برفدها بمزيد من الكوادر المؤهلة، لدفع عجلة الإنتاج والنهوض بالصناعة السورية، وما تزال هذه المطالب المحقة عالقةً، ما بين قراراتٍ توغل في البيروقراطية، وسياساتٍ مماطلة تقوم على تدوير المطالب العمالية.
وما زالت الحكومة تكرر، بأحاديثها وتصريحاتها، بأنها تقوم بدعم المؤسسات العامة والعملية الإنتاجية.