بصراحة: النقابات والموازنة والمتبقي من دخل العمال؟

كما هو معتاد كل عام تقوم الحكومة بإعداد الموازنة العامة التي تحدد فيها نسب الضرائب المتوقع ورودها إلى خزينة الدولة وكذلك الإنفاق الجاري والاستثماري خلال العام وأبواب آخرى لسنا بصدد تناولها حيث تناولتها جريدة «قاسيون» في أعدادها السابقة، وما يهمنا هو: كيف تعاطت الموازنة من حيث نسب الضرائب المفروضة على أصحاب الأجور قياساً بالنسب المفروضة من الضرائب على أصحاب رؤوس الأموال وما علاقة ذلك بالمستوى المعيشي لأصحاب الأجور؟

الموازنة المطروحة والموازنات السابقة تعكس إلى حد بعيد موقف الحكومة واتجاهاتها العامة من توزيع الدخل الوطني، و«الثروة»، عبر أحد بنودها، وهو حجم الضرائب المفروضة على أصحاب الأجور مقابل نصيبهم من الدخل الوطني الذي تقول معادلته بأحسن حالاتها 20% لأصحاب الأجور و80% لأصحاب الأرباح.

 وهذا المقياس يعبر بشكل حقيقي عن مكان الموارد الحقيقية ومطارح التهرب الضريبي التي لا تدخل إلى خزينة الدولة لاستثمارها في مشاريع استثمارية في الاقتصاد الحقيقي الصناعي والزراعي، ولرفع نسب الدعم لأصحاب الأجور كتعويض عن خسارتهم لجزء مهم من أجورهم من خلال زيادة الضرائب المباشرة وغير المباشرة، مما يخفض من دخولهم ومن قيمة أجورهم الحقيقية التي تتأكل بفعل التضخم والأسعار المحلقة دائماً التي تدعي الحكومة بأن في نيتها ضبطها، ولكن متى؟ لا ندري! والحكومة أيضاً لا تدري طالما أنها تعلن عن مزيد من الخطوات التي تعزز السياسات المحابية لأصحاب الرساميل سواء عبر الموازنة أو عبر إجراءات أخرى تؤدي بالمحصلة لاستمرار التدهور بالوضع المعيشي لأصحاب الدخول الصغيرة والعاملين بأجر.

هذا الواقع المر الذي تعيشه الطبقة العاملة والفقراء كافة يطرح تساؤلاً مشروعاً عن موقف الحركة النقابية التي من المفترض أن يكون لها موقف تجاه بنود الموازنة وعن حجم الإيرادات الضريبية المفروضة على الأجور مقابل مثيلاتها المفروضة على أصحاب الرساميل، كون هذا جزءاً أساسياً من دورها المفترض في الدفاع عن مصلحة من تمثلهم، فمصلحتهم تكون بأجور عادلة مقابل نسب الأرباح التي يحققها الرأسماليون بكل ألوانهم وأشكالهم، وبعبء ضريبي عادل أيضاً.

وهنا نسأل عن دور ممثلي العمال في مجلس الشعب المفترض بهم أيضاً تحديد موقفهم الواضح والمعلن مما هو مطروح في الموازنة وغيرها من قضايا تمرر سريعاً كمشروع قانون التشاركية الذي أصبح قانوناً.

 

إن الطبقة العاملة السورية ستبدع الأشكال المناسبة من أجل الدفاع عن مصالحها وحقوقها التي تتأكل يوماً بعد يوم ومن تلك الحقوق أن تعفى أجورها من ضريبة الدخل وأن يفتح سقف الأجور للعمال الذين وصلت أجورهم لسقف الأجور الموضوع مقابل ما تقوم به الحكومة من إعفاءات للرأسمالين ومن تغاضٍ عن الملايين المنهوبة والمهربة إلى الخارج تحت حجة القروض التي أعطيت لهم بضمانات أقل ما يقال عنها أنها لا تضمن حق الشعب في تلك الأموال.