تثبيت الحكومة للأجور ضاعف الفجوة مع مستوى تكاليف المعيشة!
حبيب كامل حبيب كامل

تثبيت الحكومة للأجور ضاعف الفجوة مع مستوى تكاليف المعيشة!

بلغ وسطي الأجور عشية الأزمة حوالي 11 ألف ليرة في أوائل 2011، بينما كان الحد الأدنى للأجور حوالي 6010 ل.س، حينها كان مستوى المعيشة يقدر بحوالي 30 ألف ليرة سورية. وبالتالي فإن الفجوة بين وسطي الأجور ووسطي الأجور في ذلك الوقت كانت تعادل ثلاث مرات الحد الوسطي تقريباً، فماذا حل بها اليوم بعد التهليلات للزيادة الأخيرة؟!

اليوم أصبح وسطي الأجور 26500 ل.س والحد الأدنى للأجور 16260 ل.س بعد الزيادة الأخيرة، وبعد إضافة بدل الغلاء المعيشي الذي أقر في وقت سابق بواقع 4500 ل.س لكل راتب. وهذا يعني زيادة في وسطي الأجور بمعدل 140% عن مستوى ما قبل الأزمة، فماذا حل بوضع العمال ودخولهم مقارنة بمستوى تكاليف المعيشة؟

أربعة أضعاف وثلث لتكلفة المعيشة مقابل مرة ونصف للأجور!

هذه المرة لن نستخدم المعطيات الواقعية، بل سنعمد إلى مقارنات تقرها الأرقام الرسمية، فوفقاً للمكتب المركزي للإحصاء، فقد بلغ المستوى العام للأسعار 430% في شهر أيار 2015 مقارنة بعام 2010. أي أن الحكومة تعترف بشكل رسمي أن زيادة مستويات تكاليف المعيشة قد تضاعف أربع مرات وثلث المرة منذ بداية الأزمة وحتى منتصف العام الحالي، بينما لم تزد الأجور إلا بمرة واحدة وأقل من النصف تقريباً.

إذا اعتمدنا زيادة المستوى العام للأسعار بمعدل 430%، فإن تكلفة المعيشة المقدرة بـ 30 ألف ل.س في عام 2010، ينبغي أن تتضاعف بالنسبة نفسها، أي أنها ستغدو 129 ألف ليرة سورية حتى شهر أيار 2015، وذلك فيما لو اعتمدنا الأسعار الحكومية.

وسطي الأجر وفق أضعف الإيمان 47 ألف ليرة!

وفي افتراض ثانٍ، على مبدأ أضعف الإيمان ، لن نحسب الأجر انطلاقاً من تكاليف المعيشة الفعلية في فترة 2011 المقدرة بـ 30 ألف، بل سنفترض إنطلاقاً من مستويات وسطي الأجور تلك الفترة، والبالغة حينها 11 ألف ليرة وسطياً. وبالتالي ينبغي مضاعفتها ذلك الأجر بالمستوى نفسه لارتفاع الأسعار البالغ 430% من عام 2010 وحتى أيار 2015، وعليه ينبغي أن يكون وسطي الأجور الحالي: 47300 ل.س وذلك فق أقل التقديرات بينما لا يتجاوز وسطي الأجور اليوم 26500 ل.س! وفيما لو اعتمدنا مستويات ارتفاع الأسعار التي تعتمدها الحكومة. 

أي أنه لو قامت الحكومة بتحرير الأجور، وربطها بمستويات الأسعار التي تقيسها هي، على اعتبار قوة العمل سلعة أيضاً، فإنها كانت ستضطر لزيادة أجور أعلى مما عليه الحال، بحوالي الضعف تقريباً، وهو ما كان قد حافظ إلى حد ما على الفارق نفسه، بين مستوى تكاليف المعيشة ومستوى الأجور ما قبل الأزمة.

الفجوة من 2,7 إلى 4,9 مرة 

وفق الرقم الرسمي!

لقد أسهمت سياسات الحكومة بتثبيت الأجور، مقابل سماحها بارتفاع مستويات الأسعار، إلى تعميق الفارق بين مستوى الأجور ومستوى تكاليف المعيشة، وهو ما يعني عملياً تكديس الأرباح عند أصحاب الرساميل. وتشير الأرقام إلى أن مستوى تكاليف المعيشة كانت تعادل 2,7 مرة من أجر تلك الفترة (30 ألف مستوى كلفة المعيشة مقابل 11 ألف وسطي الأجور)، بينما باتت تكاليف معيشة اليوم تعادل 4,9 مرة من الأجور الحالية (129 ألف مستوى كلفة المعيشة مقابل 26,5 ألف)!.

طبعاً ونذكر مرة أخرى أننا اعتمدنا مستوى تكلفة المعيشة بناء على تغيرات أسعار التي يعلنها المكتب المركزي للإحصاء بـ430%، وعليه فإن تكاليف مستوى المعيشة تقدر بـ 129 ألف ليرة، في الوقت الذي قدرته قاسيون وفق حسابات السوق بـ 172 ألف ليرة.