الصناعة أولاً؟

الصناعة أولاً؟

تعيش الصناعة السورية في القطاع العام والقطاع الخاص أسوأ لحظاتها، لأسباب لها علاقة بمرحلة ما قبل الأزمة، من خلال السياسات التي اتبعت، والتي اعتبرت أن السياحة قاطرة النمو، وهذا أدى إلى ترتيبات مختلفة، اتخذت بما يحقق الهدف لتلك التوجهات.

كما طرحت، جرى تنفيذ سياسات محددة عبر مراحل مختلفة أدت إلى إضعاف وإخراج الصناعة تباعاً من مهمتها الأساسية كقاطرة نمو حقيقية تؤدي إلى حل جملة واسعة من الأزمات المرتبطة بالتوجه والسياسات التي اتبعت حيال الصناعة، وضرورة أن تكون أولوية الدعم لها بالاستفادة القصوى من الميزات العديدة التي يتمتع بها الاقتصاد السوري، ومنها: العديد من الزراعات التي يمكن أن تكون قاعدة مهمة في إقامة الصناعات المختلفة.
خلال الأزمة خرج من دائرة الإنتاج الكثير من المعامل المنتشرة في طول البلاد وعرضها، وخسرت البلاد أهم مورد من مواردها، ليس هذا وحسب بل تم تشريد مئات الألوف من العمال، الذين فقدوا مورد رزقهم الأساسي وتشردوا في بلاد الله الواسعة، مما أدى إلى ارتفاع نسب البطالة التي كانت مرتفعة بالأصل، نتيجة سياسة الاستثمار والتشغيل المتبعة مما فاقم من الأوضاع التي يعيشها العمال أكثر فأكثر.
بدأت الصناعة تلملم جراحها وتعيد ترتيب نفسها بجهود أصحابها، في المناطق التي يقال عنها أمنه، ويمكن الاستقرار والعمل على أرضها ونعني بها المدن الصناعية خاصةً في دمشق وحلب وحمص حيث جرى تقدير لعدد المعامل التي عادت إلى العمل والإنتاج بـ(1772) معملاً تشغل ما يقارب 72 ألف عامل، منها في مدينة عدرا الصناعية ما يقارب 1250 معملاً حسب مصدر مسؤول في وزارة الإدارة المحلية، ولكن أين تكمن العقدة في تشغيل المعامل بما يلبي ضرورة أن يكون الإنتاج رقم واحد؟.
الصناعي فارس الشهابي رئيس غرف الصناعة، صرح على وسائل الأعلام المختلفة، وكذلك في الملتقى العمالي الذي أقامه الاتحاد العام للنقابات: بأن الحكومة تضع العراقيل أمام الصناعيين، وتحول دون تشغيل المعامل التي يرغب أصحابها بإعادتها للعمل، وذكر أن غرفة الصناعة تخطط لإعادة تشغيل 800 معمل في مدينة الشيخ النجار الصناعية، حيث عاد منها 400 معمل لينخفض هذا الرقم إلى مائة معمل، وما يزيد الطين بلة أن الحكومة تعد بتأمين مادة المازوت والفيول للصناعيين بأسعار تشجيعية، وبعد كل تصريح لها ترتفع الأسعار، ويتم تأمينها عن طريق السوق السوداء بأسعار ترفع التكاليف، ناهيك عن التصريح الذي أدلى به مصدر مسؤول في وزارة الكهرباء: بأن الكهرباء المعطاة للصناعيين سيرتفع فيها سعر الكيلو واط الساعي من 22ليره إلى 33 ليرة سورية، وبالتالي تزيد أسعار المنتجات، ليصبح بهذه الحالة الاستيراد هو سيد الموقف، كون هذا السلوك يحقق مصلحة حفنة من التجار الماسكين لمقاليد الاستيراد، لتتعزز الثروة وتتركز أكثر.
لقد صرح أحد مسؤولي غرفة صناعة دمشق: أن رفع أسعار الكهرباء على الصناعيين مرتبط بالسياسة الاقتصادية للحكومة، وهذا التصريح حقيقي لأن أولويات الحكومة دعم الاستيراد، وليس دعم الإنتاج بمختلف مفاصله ومواقعة سواء كان في القطاع الخاص أم العام، وهذا يؤكده توقف العديد من معامل القطاع العام عن العمل، ليس بسبب الأحداث بل بسبب السياسات المتبعة حيال الصناعة.