زاهر الحسين زاهر الحسين

النقابات العمالية والبرامج الانتخابية..!

لعل من أهم معضلات الحركة السياسية السورية عموماً، والنقابية خصوصاً، سابقاً في السنوات الماضية وحالياً في ظل الأزمة، هو غياب البرامج أو قصورها في أحسن الأحوال وعدم امتلاك رؤية، ومستوى معرفي، ورؤية الواقع الحالي المتغير باستمرار، واستشفاف المستقبل، واقتصارها على الشكل وليس الجوهر.

وينطبق ذلك على الخطاب الحامل لها. وبالتالي عدم وصولها للجماهير لتتبناها، وتتحول إلى فعل وقوة مادية على الأرض، لنيل الحقوق وتحصين الجبهة الداخلية، ومن أجل الدفاع عن الشعب والوطن وكرامتهما، فغرقت في الجمود والعدمية، وفقدت دورها الوظيفي ..
وهنا لابد من وقفة أمام البرنامج الانتخابيّ العماليّ لحزب الإرادة الشعبية. فقبل مناقشة البرنامج قال البعض عنه: إنه جيد، لكن هل الظروف الحالية تسمح به وبالانتخابات؟ هذا التساؤل مشروع، لكن لابد من إضافة سؤال آخر وهو: هل ننتظر حتى تتغير الظروف حتى نطرح البرامج؟ وهل البرامج تقتصر على الانتخابات أو المرحلة الحالية فقط؟!.
يقول ماركس: إنّ الأفكار تتحول إلى قوّة مادية إذا تبنّتها الجماهير.. من هنا يجب قراءة البيان والتعامل معه على هذا الأساس.
أهداف ومهام أساسية
البرنامج في مقدمته بدأ بتحديد المهام الحالية والمستقبلية الأساسية: «من أجل الدفاع عن الوطن وحقوق ومكتسبات العمال، وحركة نقابية مستقلة. وهذا تعبير عن تلازم المهام الثلاث: المهمة الوطنية، والاقتصادية - الاجتماعية، والديمقراطية، وتعبير عن رؤية شاملة، وليست مجزأة».
وهذه المهام تتطلب تمثيل الحركة النقابية ( قلباً وقالباً ) لعمال سورية، وليس تمثيلاً صورياً لتعبر عن مصالح العمال، ومواجهة تحدّيات الأزمة الناتجة عن تراكمات موضوعية سابقة، وأهمها: السياسات الليبرالية الاقتصادية الاجتماعية، وانخفاض مستوى الحريات، ونهب الفساد الكبير.
إن دور الطبقة العاملة وقيادتها هو: الدفع نحو (الحل السياسي) للأزمة، وهو أحد أهم أدوات الدفاع عن وحدة البلاد، وعن مصالح السوريين، ومواجهة القوى التكفيرية والإرهابية والخطوة الأولى في ذلك هي: المشاركة في العملية الانتخابية والاختيار الصحيح لممثليها. كمهمة آنية.
القضايا الاقتصادية التشريعية
هناك أيضاً أطروحات حالية، وبعضها متوسطة الأجل، وبعضها يرسخ لمرحلة مديدة في مستقبل سورية التعددية الديمقراطية. فمن المهام الحالية: ربط الأجور بالأسعار، وتعديل القانون 17 والقانون الأساسيّ للعاملين، وإلغاء المادة 137 التي تسمح بالتسريح التعسفيّ، ومساعدة شهداء الطبقة العاملة، وتشكيل صندوق إغاثة لعمال القطاع الخاص، ومساواة المرأة مع الرجل في القطاع الخاص، وبنفس الوقت مساواة العمال فيه بالقطاع العام، وأهمها مواجهة قوى الفساد في جهاز الدولة وخارجه.
والمهام المتوسطة الأجل تبنيّ نموذج اقتصاديّ يقطع نهائياً مع السياسات الليبرالية، ويحقق أعلى معدلات نمو وأعمق عدالة اجتماعية، وهذا يفتح ليكون لسورية دور إقليميّ ودوليّ فاعل في المستقبل.
الحريات النقابية الديمقراطية
من المهام الحالية الإصرار على عدم وجود قائمة مغلقة، والتمسك بحق الإضراب والتظاهر والاعتصام، واستقلالية الحركة العمالية والنقابية، وهذا ما يكفله الدستور، وهو السلاح الوحيد للطبقة العاملة في الدفاع عن حقوقها، ومنع الهيمنة عليها، ويسمح لها بالقيام بدورها.
مرةً أخرى، اختيار الطبقة العاملة لممثليها الحقيقيين، وتبنيّ مطالبها والدفاع عن حقوقها، اليوم قبل الغد.. يعزز دورها الوطنيّ والطبقيّ، ولا يجوز تأخيره تحت أي ظرف. وبذلك تستعيد دورها الوظيفيّ في المجتمع، سواء بعملها وإنتاجها الذي يحقق لسورية الاكتفاء الذاتيّ ويحصنها داخلياً، أو بدورها في مواجهة أعداء الشعب والوطن في الداخل والخارج مما يحقق كرامة الوطن والمواطن التي هي فوق كل اعتبار.