الأول من أيار والدور التاريخي للشيوعيين السوريين في النضال النقابي والعمالي

الأول من أيار والدور التاريخي للشيوعيين السوريين في النضال النقابي والعمالي

يعود أصل الاحتفال بيوم العمال العالمي لأول مرة إلى العام 1856 عندما قرر عمال استراليا الإضراب من أجل حقوقهم في ثماني ساعات عمل واليوم  الطبقات العاملة في كل البلدان تستعد للاحتفال بالأول من أيار عيد العمال العالمي بفعاليات كفاحية وفاءً لذكرى الآلاف من عمال مدينة شيكاغو الذين أضربوا عن العمل في الأول من أيار عام 1886 من أجل تخفيض عدد ساعات العمل اليومية إلى ثماني ساعات، وأطلقت الشرطة الأمريكية النار على العمال المضربين فانتشرت حركات التضامن الأممية مع العمال الأمريكيين في العديد من بلدان العالم الرأسمالي فقرر مؤتمر العمال العالمي المنعقد عام 1890 في فرنسا اعتبار الأول من أيار يوم العمال العالمي للنضال من أجل حقوقهم في العالم الرأسمالي

وهكذا أصبح الأول من أيار تقليداً نضالياً للطبقات العاملة تعبيراً عن تمسكهم بحقوقهم الطبقية، وإحياءً لذكرى عمال شيكاغو الأبطال، وفي سورية احتفل بالأول من أيار بعد نشوء التنظيمات الشيوعية والنقابية الأولى وخاصة بعد تأسيس الحزب الشيوعي السوري وأثناء قيادة الشيوعيين للنضالات النقابية العمالية في سورية أصبح الأول من أيار يوماً كفاحياً للطبقة العاملة السورية الناشئة في الثلاثينيات.

عهد الاحتلال العثماني والاستعمار الفرنسي

احتفل مجموعة من الطلاب السوريين واللبنانيين بالأول من أيار في مدينة بيروت عام 1907  لأول مرة في تاريخ المنطقة نتيجة التأثير العالمي لثورة 1905 الروسية كما أصدر العامل الدمشقي حلمي الفتياني جريدة الاشتراكية عام 1912 تحيي الأول من أيار وتحرض الطبقة العاملة الناشئة للنضال من أجل مطالبها العادلة فأغلق العثمانيون الجريدة واعتقلوا صاحبها وكانت هذه المجموعات الصغيرة بداية تبلور التنظيمات الشيوعية في سورية ولبنان حتى تم تأسيس الحزب الشيوعي في سورية ولبنان عام 1924 الذي أصدر العدد الأول من جريدة الإنسانية عام 1925 وفي الصفحة الأولى منها صورة للاحتفال الكبير الذي أقامه الحزب في ملعب الكريستال في بيروت بمناسبة الأول من أيار حضره آلاف العمال وألقى فيه كلمة الحزب النقابي، فؤاد الشمالي سكرتير اللجنة المركزية للحزب حيا فيها عمال النسيج المضربين في حلب وعمال التبغ المضربين في بيروت، ودعا للنضال ضد الاستعمار الفرنسي وإقامة حكومة العمال والفلاحين في سورية محل حكومة الإقطاع والبرجوازية واحتفل شيوعيو دمشق بالأول من أيار لأول مرة عام  1933 أثناء الإضرابات العمالية الكبيرة بدمشق التي شارك فيها أكثر من 50 الفاُ من عمال النسيج والبناء والباصات والبرق وغيرهم كما استشهد الرفيق أبو حسن عامل النسيج أثناء إضراب عمال النسيج في مدينة حلب برصاص الاستعمار الفرنسي عام 1935  وفي حمص احتفل بيوم العمال العالمي لأول مرة في قرية حب نمرة عام 1940 عندما قام الشيوعيون بإشعال النار فوق قمة جبلية وفي القامشلي أقيم احتفال كبير في سينما صيفية عام 1943 اعتقل على إثرها الرفيق جان صعيب سكرتير اللجنة المنطقية للحزب في الجزيرة وقد اعتقلت السلطات الفرنسية الرفيقين إبراهيم بكري وحسين عاقو قادة نقابة عمال النسيج بدمشق أثناء احتفالات الأول من أيار 1943 .

سورية بعد الاستقلال

بعد حصول سورية على استقلالها وجلاء الاستعمار الفرنسي عن أرض الوطن كان الحزب يصدر بيانات ونداءات إلى الطبقة العاملة السورية بمناسبة الأول من أيار لتشديد النضال ويقود الإضرابات العمالية ويساهم في تأسيس النقابات العمالية بكفاح طبقي قاس وتقيم منظمات الحزب في مختلف المحافظات احتفالات جماهيرية حاشدة بهذه المناسبة، وقد تعرض الرفاق أثناء هذه النضالات والمعارك الطبقية إلى الملاحقة وخاصة في فترة الديكتاتوريات العسكرية بين عامي 1949 – 1954 واعتقل العشرات من الرفاق والرفيقات لكن كل تلك الأجواء الإرهابية لم تثن عزيمة الشيوعيين الذين حصلوا على أعلى الاصوات في الانتخابات النقابية وترأسوا الكثير من النقابات منهم الرفيق جمال جركس رئيس نقابة العمال الزراعيين «الميكانيك» في الجزيرة والرفيق حسن صاصيلا سكرتير نقابة عمال البناء والرفيق مصطفى خيرو رئيس نقابة عمال الكهرباء في حلب والرفيق عبد الله بيطار سكرتير نقابة كهرباء حلب والرفيق عمر قشاش رئيس نقابة عمال الطباعة والرفيق جبران حلال سكرتير نقابة عمال البلاط والرفيق جورج بغدان رئيس نقابة عمال الموبيليا في دمشق والرفيق إبراهيم بكري رئيس نقابة عمال النسيج ورئيس الاتحاد العام لنقابات العمال في سورية وغيرهم، وساهموا في تأسيس نقابات أخرى مثل نقابة مستخدمي الدولة ونقابة عمال النفط في حمص ونقابة الخياطة ونقابة الجزارين ونقابة سد الفرات وخلال سنوات نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات كانت احتفالات الأول من أيار تقام في أجواء من السرية والملاحقات في أيام حكم الوحدة والانفصال وبداية حكم حزب البعث.

 مرحلة الجبهة الوطنية التقدمية

منذ عام 1965 بدأت مرحلة من التعاون بين القوى الوطنية والتقدمية في سورية وخرج الحزب الشيوعي السوري من ظروف العمل السري وأصبحت احتفالات الأول من أيار تقام في أجواء من العلنية منذ نهاية الستينيات وخاصة بداية السبعينيات توسعت هذه الاحتفالات أكثر، وأصبحت عطلة رسمية في البلاد بعد مشاركة الحزب في الجبهة الوطنية التقدمية عام 1972 فأقيمت في دمشق عام 1975 احتفالات ضخمة بمناسبة الأول من أيار بمشاركة شعبية ورسمية واعتقل الرفيق عماد ظاظا في هذه الاحتفالات عندما هتف في الجموع المحتشدة : تسقط حكومة التجار والسماسرة وعاشت الصداقة العربية السوفياتية عاشت الاشتراكية عاش الحزب الشيوعي السوري عاشت الجبهة الوطنية التقدمية وفي الجزيرة أخذت الاحتفالات طابعاً شعبياً حيث كان عشرات الآلاف يحضرون احتفالات الأول من أيار ويخرجون إلى الطبيعة في الأماكن التي يقيم فيها الحزب احتفالات الأول من أيار في قرية مزكفت في القامشلي وسد الحسكة وعين ديوار في ديريك وفي حلب وأثناء التحضيرات الكبرى للإحتفال بالأول من أيار عام 1980 اغتالت عصابة من الإخوان المسلمين الرفيق أنطوان صراف عضو اللجنة المنطقية للحزب في حلب وعضو مكتب نقابة سكك الحديد في حلب في محاولة للنيل من نضال الحزب الطبقي والوطني والأممي.

 كلمة أخيرة

لن نستطيع أبداً اختزال نضال الشيوعيين السوريين من أجل حقوق الطبقة العاملة في سورية وبمناسبات الأول من أيار لأنها مسيرة عقود طويلة من النضال منذ تأسيس حزبهم الحزب الشيوعي في سورية ولبنان عام 1924 واليوم وبمناسبة الأول من أيار للعام الجاري 2013 نجدد العهد للنضال في سبيل حقوق الطبقة العاملة السورية في وقف العنف وإسقاط السلاح ومن أجل حل سياسي شامل للأزمة السورية تؤمن للعمال العدالة الإجتماعية وممارسة حق الإضراب المطلبي عن العمل ضد من ينهب لقمتها وحقوقها من قوى الفساد والليبرالية والنهوض بالحركة النقابية.