من الأرشيف العمالي : هذه هي الحكاية!

من الأرشيف العمالي : هذه هي الحكاية!

ما من شك أن الفترة الأخيرة قد تميزت بارتفاع الأسعار، وبخاصة المواد الضرورية واليومية لفئات الشعب الواسعة من عمال وفلاحين وذوي الدخل المحدود، مما جعل الحديث عنها تدور في كل مجلس

وإذا علمنا أن المواد الاستهلاكية الأساسية كالزيت والجبن والحلاوة، بالإضافة إلى الأقمشة والفواكه وغيرها.. إذا علمنا أن هذه الأشياء تأتي في المقدمة، أدركنا سر هذه التساؤلات المشروعة على لسان جماهير عريضة من المواطنين إذ أنها تخص واقعهم المعيشي، ولأنها إن استمرت فستؤدي إلى انخفاض مستوى معيشتهم. ولو أن هذا الارتفاع في الأسعار اقتصر على المواد المستوردة لكان لذلك أكثر من مبرر، ولكنها تشمل المواد المنتجة محلياً سواء الزراعية منها أو الصناعية، وهذا ما يجعلنا نتساءل عن الأسباب والدوافع والأطراف التي تتحمل المسؤولية كلياً أو جزئياً. فمن الملاحظ أن ظاهرة الغلاء تشتد، وتتفاقم في الظروف التي يشتد فيها التآمر الرجعي في البلاد، ولاشك في أن وجود بعض الأسباب الموضوعية لارتفاع أسعار بعض الحاجات، لا يخفي افتعالها وتصعيدها من الأوساط اليمينية والرجعية المتمثلة بكبار المحكترين والتجار والوسطاء وغيرهم ممن تسنح الفرصة لهم للتلاعب والاحتكار يساعدهم في ذلك العناصر السيئة في أجهزة الدولة إن هذه القوى تهدف من وراء أعمالها إلى هدفين:

سلب الجماهير الكادحة ما اكتسبته من بعض التدابير التقدمية.

تشويه سمعة النظام وإثارة سخط الجماهير الشعبية لعزله وإسقاطه، وليس من باب المصادفة أن يرافق هذه الظواهر الترويج لمحاسن «الاقتصاد الحر» و«الحرية في التجارة» من هذه الفئات نفسها.

إن مسؤولية الحكم وبخاصة وزارة الاقتصاد والتموين كبيرة وهامة في إيجاد الحلول الملائمة وذلك يتطلب:

السير في خط علمي مدروس لتوزيع المواد التموينية والاستهلاكية على اختلافها بشكل يحد من دور الوسطاء والتجار الكبار أو يلغيه إلغاء تاماً،  زيادة عدد الجمعيات والمؤسسات الاستهلاكية في مختلف المناطق والأحياء وتوسيع نطاق نشاطها بزيادة مبيعاتها كماً ونوعاً، ومراقبة عملها وعمل المسؤولين في إداراتها والضرب على أيدي المستهترين منهم، وتخفيض أسعار بعض المواد الاستهلاكية الرئيسية التي تحدد الدولة أسعارها كالسكر والشاي وغيرها.

وأخيراً فإن إشراك الجماهير الشعبية وخاصة الطبقة العاملة عن طريق منظماتها في إيجاد الحلول وتطبيقها يمكن أن يلعب دوراً فعالاً في إيقاف هذا النشاط الرجعي ودفع عجلة التقدم بخطوات كبيرة إلى فيه خير الوطن والمواطنين.

قاسيون العدد 16 كانون الأول 1970