وجهة نظر حول واقع الطبقة العاملة في ظل الأزمة الراهنة!

وجهة نظر حول واقع الطبقة العاملة في ظل الأزمة الراهنة!

في إطار دعوة جريدة«قاسيون» للنقابيين، والمهتمين بالشأن النقابي للتحاور بشأن دور الطبقة العاملة وتنظيمها النقابي، وردتنا وجهة النظر التالية لأحد النقابيين، متمنين أن تصلنا وجهات نظر أخرى، وذلك لاغناء الحوارالنقابي والعمالي الذي نريد له أن يتطور، ويتعمق للوصول إلى آفاق عمل حقيقية للحركة النقابية تستطيع الدفاع من خلاله عن المصالح الجذرية للطبقة العاملة السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

إن وجهات النظر التي ننشرها في هذا الإطار تعبر عن وجهة نظر كاتبها، وليس بالضرورة عن وجهة نظر الجريدة.

 الانتخابات النقابية المقبلة

في ظل الأزمة الراهنة، وواقع الطبقة العاملة والحركة النقابية السورية.

مع تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد والحلول الأمنية جرت انتخابات الإدارة المحلية، ومجلس الشعب، بشكل صوري، ، و الآن يجري التحضير للانتخابات النقابية، في ظل الأوضاع الراهنة، وطبيعةالأزمة المستفحلة، وسيطرة حزب البعث على أجهزة الدولة، ومؤسساتها، وهيمنة على العاملين فيها، ذوي الجذور الفلاحية بواقع 78% منهم. مع ضعف التقانة في القطاع العام. ودخولها من جديد إلى بعض مؤسسات الدولة،وخاصة المصارف الذين يتمايزون، ويتراوح عدد العاملين من 15 ــ 37% عن بقية العاملين.

إن ضعف الوعي الطبقي لدى العاملين، في القطاع العام، ومؤسسات الدولة، و في ظل غياب برنامج واضح لحزب البعث، قد حوله عملياً من حزب «للعمال والفلاحين» لحزب مطبوع ببعض سمات الرأسمالية الليبراليةالجديدة، وزاد من ذلك مع تبنيه للخطة الخمسيه العاشرة التي انطلقت منها الأزمة الاقتصادية الاجتماعية، وأدت بالصناعة الوطنية والزراعية، لمصالحة اقتصاد الفقاعة.

العاملون لدى الدولة ومؤسساتها مع هيمنة حزب البعث على هذه الجهات العامة، قد طبع عمل كوادر الحركة النقابية بطابعه من حيث آليات العمل المتبناة في اللجان النقابية والنقابات والاتحادات، وبسبب علاقتهم المباشرةبالعاملين كانت لهم مواقف هامة تعكس مطالب العمال، وهذا بدا واضحاً في الاجتماعات و المؤتمرات النقابية.

هؤلاء العاملون مطالبهم قانونية وفقاً لأحكام القانون /50/ ومزاياه، وهم يتمتعون بساعات عمل قليلة ومطالبهم، تتعلق بالمجال المعيشي، وأجورهم متميزة عن أجور بقية العمال، وحقوقهم أفضل ومطالبهم تتمثل بما يلي:

• تثبيت العمال المؤقتين.

• منح المزايا والتعويضات وفقاً لأحكام القانون 50 لعام 2004.

ومعاناتهم الراهنة هي:

ارتفاع الأسعار وتآكل الأجور، في ظل تحرير الأسعار والتجارة، وأزمات الغاز والمازوت، وارتفاع أسعار الخدمات العامة.

تراجع القطاع العام وخاصة الصناعي، مع غياب أي أفق لإصلاحه، وهو المشكلة الأساسية التي تطبع بطابعها ضعف الحركة النقابية السورية

في أهم مجال من مجالات نضالها، الضروري والهام من أجل إصلاح القطاع العام، وخاصة الصناعي، وتدهوره وأوضاع العاملين فيه، ولعل إصلاح القطاع العام هو المطلب النضالي الوحيد للحركة النقابية السورية الغائبةعنه، وعن عمال القطاع الخاص، بعد صدور القانون /17/ للعام 2011، والذي أزاح من وجه الرأسمالية الحديثة، المرسوم /49/، منع التسريح التعسفي واعتبر العامل موجوداً وغير موجود في العمل بسبب من حق صاحبالعمل في التسريح، في إطار شروط واهية جداً، واستجاب إلى تحول الرأسمالية إلى رأسمالية ليبرالية مالية، أدخلت البلاد بأزمة اقتصادية اجتماعية وسياسية عميقة.

الحركة النقابية ليست صاحبة نفوذ على عمال القطاع الخاص، إذ هي لا تتناقض مع الرأسمال ليس الصناعي.

وليس لديها برنامج نضالي في هذا القطاع، وهي ترفع شعار المفاوضة الجماعية مع أصحاب العمل، رغم متغير الظروف والشروط التي أدت بالرأسمالية الصناعية أن تتحول في أقسام هامة منها إلى التجارة، و الاستيرادوالتصدير إذ أصبحت الأرباح خيالية، في قطاع التجارة على حساب الصناعة الوطنية.تبني البعث لاقتصاد السوق الاجتماعي، وثقا العلاقة مع قوى رأس المال على حساب مصلحة، وحقوق العمال في القطاع الخاص ، معالرأسمالية الصناعية القديمة، ما أدى إلى إضعاف الحركة النقابية بالمواجهة مع أرباب العمل.

 

أما معاناة عمال القطاع الخاص فكبيرة، وتغلب عليهم حالتان:

هم عمال قدماء تبلغ نسبتهم حالياً 48% من مجموع من مجوع عمال القطاع الخاص، ولهم إلى حد ما لجان نقابية، وهم متواجدون في السياحة، والصناعات المعدنية والغذائية، والغزل والنسيج، وإجمالاً في القطاعات التقليديةللصناعة الوطنية، والاقتصاد الوطني، أما القطاعات الحديثة ففيها عمال جدد إلى حد ما، مع رأسمالية جديدة خرجت من رحم الفساد الكبير، وانتقلت إلى العمل في الاقتصاد الوطني والحياة الاجتماعية، وتبين اليوم أن جمعياتالمجتمع المدني، أو المؤسسات ذات الطابع «الأهلي» مشبوهة في برامجها، وأهدافها وسلوكها على الأرض، وتبلغ نسبة الجمعيات والمؤسسات «الأهلية» في سورية ما يعادل 18% من النشاطات الاقتصادية الاجتماعيةالسياسية، وهي خطر على البلاد والعباد.

تجري الانتخابات في ظل هذه الأوضاع، محكومة الكوادر النقابية البعثية بالامتثال إلى عقلية  التجربة السابقة ما قبل تغيير الدستور القديم، وفي ظل رأسمالية مستبدة، ومستغلة، لم تتعرض لمواجهة حقيقية مع الحركة النقابية،والعمال لا في القطاع الخاص ولا غيره من القطاعات الأخرى،مما عكس هذا الوضع نفسه على معظم الكوادر النقابية، من حيث الطريقة، والأسلوب للوصول إلى المواقع القيادية في النقابات معتمدين في ذلك على قوائم الجبهةالناجحة سلفاً في معظم الحالات، وعلى رضا، وتزكية الأجهزة الأمنية المتدخلة بطريقة، أو أخرى في سير العملية الانتخابية، ونتائجها النهائية، مما جعل هذا الشكل من العمل النقابي هو السائد منذ عقود بدلاً من النضال، والدفاععن مصالح الطبقة العاملة بالأشكال السلمية، والحضارية التي أتاحتها قوانين العمل الدولية والعربية، والتي وافقت عليها سورية رسمياً.

إن الطبقة العاملة السورية بموقفها الوطني المتجذر، والراسخ، وبحسها الطبقي، وتجربتها الممتدة لعقود طويلة ستتجاوز حالة السكون، وستنتقل بالضرورة إلى الهجوم دفاعاً عن حقوقها ومكتسباتها التي تم الاعتداء عليها، وفيمقدمة ذلك دفاعها عن أجورها الحقيقية، و تحسين مستوى معيشتها، أي التوزيع العادل للثروة بالإضافة إلى حقها في اختيار من يمثلها تمثيلاً فعلياً لا صورياً، وهذا يكون بالانتخابات الديمقراطية الحرة دون تدخلات من أي جهةكانت.