بين هشاشة الحياة وعنفها!
إيمان الأحمد إيمان الأحمد

بين هشاشة الحياة وعنفها!

لم ينجُ غالبية السوريين من الأزمة المستمرة وتداعياتها، والتي طالت الجميع حتى الأطفال، وتسببت في حرمانهم من حقوقهم الأساسية كالتعليم والرعاية الصحية واللعب وعيش حياة كريمة، ووضعتهم في مواجهة تحديات اجتماعية واقتصادية وإنسانية صعبة، وما زالت تسرق طفولتهم وتجعل حياتهم ومستقبلهم معلَّقين بخيط رفيع.

من أبرز التحديات التي تواجه الأطفال وتعرض حياتهم ومستقبلهم للخطر «العمالة القاصرة»، فغالباً ما يتم تشغيلهم في أعمال لا تناسب بنيتهم وأعمارهم وتضر بصحتهم ونموهم وتحرمهم من حقوقهم، ومنها نبش القمامة، وبيع الخبز أمام الأفران، حمالين وباعة متجولين ومساعدين في الورشات والمنطقة الصناعية... إلخ. تتضاعف يوماً بعد آخر المشاكل الاقتصادية، ونتائجها الاجتماعية، وتتضاعف معها أعداد الأطفال المنخرطين في هذه الأعمال، ولكن لا توجد إحصائية دقيقة لهم، ولا لنوعية أعمالهم أو ما يتعرضون له خلالها، ولا الأعراض النفسية والاجتماعية الناجمة عن ذلك.

«حوّيص بسطة»

في سوق الحميدية، يجري تشغيل أطفال صغار تتراوح أعمارهم بين 8 إلى 12 سنة، بمهنة «حويص بسطة»، وكل طفل من هؤلاء لديه حكايته الخاصة، فمنهم من يعمل لإعالة أسرته أو يساعد في إعالتها. ثمة من يشرف على تشغيل هذه المجموعات واستخدامها، حيث يرتب لهم العمل وحتى النوم، حيث يدفع كل طفل خمسة آلاف ليرة للنوم المشترك مع بقية الأطفال في غرفة كبيرة في فندق رخيص. يدفع الطفل للأكل والشرب والنوم والقليل الباقي مما يحصل عليه كأجر يدفع به لأهله!
في جنوب دمشق، تقوم طالبات صغيرات في المرحلة الابتدائية بعد العودة من المدرسة بالعمل في «شك الخرز» أيضاً لإعالة أسرة فقدت معيلها أو سكنها وعانت من النزوح، أو المساعدة في إعالتها. يعمل آخرون في تحميل وتنزيل البضائع من السيارات في متاجر بيع المواد الغذائية، أو أسواق الخضار.
يخرج كثير من الأطفال بشكل يومي نحو سوق العمل نتيجة الظروف المعيشية الصعبة، ولمساعدة أهلهم في تأمين اللقمة ويضطرون لمواجهة الذل الذي يتجول في كل مكان. عالقون بين هشاشة الحياة وعنفها.

أطفالنا وأطفالهم!

في بلادنا المنقسمة على نفسها بين قلة قليلة استحوذت على كل شيء، وبين غالبية تحاول الاستمرار في البقاء والعيش دون الانحدار إلى الدرك الأسفل مع أوضاعها المنحدرة يوماً بعد آخر، يطال أطفالها انقسام وفروق حادة في مستوى المعيشة، لا يكفي ما يقال من عبارات باذخة، ولا تكفي الحلول الترقيعية لإنقاذ الطفولة، ما لم يكن هناك حل شامل لتلك الأزمة، ووقف تداعياتها، مثلها في ذلك مثل بقية مشاكلنا الأخرى العالقة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1164