جيمس بوند وسكريبال

جيمس بوند وسكريبال

كتب الصحفي علاء عمر مادة بعنوان « ومن الفن ما قتل.. ولم يقتل» على صفحة آراء في موقع روسيا اليوم حول استخدام الإعلام والفن بما فيه أفلام جيمس بوند في الدعاية في قضية سكريبال.

«تناول الإعلام الروسي الاتهام الذي وجهته بريطانيا إلى موسكو، بحجة ضلوعها بمحاولة قتل العميل البريطاني، سيرغي سكريبال، ليتبيّن أن لندن وجدت ضالتها للتعبئة ضد روسيا في أعمالٍ فنية.
فلا تزال الأنباء تتوالى تباعاً حول سكريبال ومحاولة تصفيته وابنته يوليا. لكن يكفي إلقاء نظرة عابرة على سطور الخبر الأولى، ليستشف القارئ أنه ليس هناك ما يشجع على مواصلة القراءة، علماً أنه لا بأس من المرور على أخبار كهذه مرور الكرام لمشاهدة الصور.
نحاول في هذه المادة تسليط الضوء، لغير المتابع لوسائل الإعلام هنا، ولغير الملمّين باللغة الروسية، على ما تناولته وسائل الإعلام المحلية حول هذا الملف، سواء من خلال التغطيات الإخبارية أو البرامج الحوارية، حيث تمت استضافة مراقبين ومحللين، سرعان
ما كشفوا للمشاهد زور الادعاءات اللندنية، أو شككوا بمصداقيتها كحدٍ أدنى.
وبعيداً عن الخوض في تفاصيل «محاولة» الروس تسميم سيرغي سكريبال وابنته يوليا، التي أعلنت مؤخراً عن رغبتها بالعودة إلى روسيا، فإن «الأدلة» على تورط موسكو في محاولة اغتيال سكريبال قد قُتلت بحثاً، لتشير الحيثيات المحيطة بها وبوضوح إلى فشل القائمين على مؤامرة توريط روسيا بهذه «الجريمة».
إضافة إلى ما تقدّم، فإن التوقيت المحدد لهذه العملية يؤكّد أنه لا ناقة لروسيا فيها ولا جمل، إذ أنها «تمّت» عشية الانتخابات الرئاسية في روسيا، وفي مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الترتيبات المتعلقة ببطولة كأس العالم التي نظمتها روسيا.. أضف إلى ذلك: هل سيرغي سكريبال بهذه الأهمية لموسكو أصلاً؟
وبإلقاء نظرة عابرة على آخر تطورات قضية سكريبال، وهي تعميم صور التقطت في بريطانيا لشخصين، تؤكد المملكة المتحدة، على لسان رئيسة وزرائها تيريزا ماي، في خطاب ألقته أمام مجلس العموم البريطاني أنّ:
«الرجلان اللذان يستخدمان اسمي ألكسندر بيتروف، وروسلان بوشيروف، يرجح أنهما ضابطان في جهاز الاستخبارات العسكرية الروسي».
ومن المهم هنا لفت الانتباه إلى استخدام تيريزا ماي في اتهامها الرجلين صيغة (Almost Certainly مؤكّد تقريباً)، ما يعيد إلى الأذهان صيغة Highly Likely (من المرجح جدا)، التي لجأت إليها ماي أيضاً في القضية ذاتها.. لتصبح هذه المقولة من أشهر ما تفتق عنه ذهن رئيسة وزراء بريطانيا، حتى أنه انتشرت نكتة بين الروس قبل أشهر، تزامنا مع عيد الفصح وانتشار أخبار عن تواجد سيرغي سكريبال في المستشفى، حيث يقول أحدهم لآخر: سكريبال قام.. ليرد محدثه قائلاً: هايلي لايكلي.
علاوة على ذلك.. فإن المعلومات التي نشرتها الجهات البريطانية المختصة، تفيد بأن اسمي «العميلين» الروسيين ألكسندر بيتروف وروسلان بوشيروف، وأنهما وصلا إلى لندن قادمين من موسكو، وهو بحد ذاته أمر مثير للشك والجدل، إذ لا يُعقل أن يسافر القاتل المأجور، الذي يعمل لصالح جهاز استخبارات بلاده مباشرة إلى الدولة حيث سيرتكب جريمته، دون السفر إلى دولة ثالثة ورابعة للتمويه.
ومن المثير للانتباه، حسب مراقبين، هو اسما «العميلين».. مع الأخذ بعين الاعتبار أن الروس يستعيضون عن «فلان» و»علان» بأسماء إيفانوف بيتروف وسيدروف.. وهي أكثر أسماء العائلات انتشاراً في روسيا، أو هكذا هو الاعتقاد السائد.
لكن من الواضح، وفق متابعين أيضاً أن انتقاء الاسمين تم بعناية، بهدف محاكاة المعلومات المترسخة في لاوعي المشاهد الغربي للأعمال الفنية، لا سيما الرئيس الروسي الشرير، فيكتور بيتروف، في مسلسلHouse of Cards، بالإضافة إلى أن اسم روسلان يُكتب باللغة الإنجليزية Ruslan.. ما يوحي بالأحرف الأولى لاختصار اسم روسياRus.
كما تجدر الإشارة إلى التشابه الكبير بين «العميلين» الروسيين ورجلي المافيا الروسية في فيلم Red Heat، من بطولة آرنولد شفارتسنيغر.. ما يعزز الفكرة بأن الجهات المختصة في بريطانيا استوحت أبطال الجريمة التي لم تقع، Highly Likely، من الأفلام والمسلسلات.. وقد تستوحيهم من الأعمال الكرتونية عمّا قريب.
فهل العالم على موعد الآن مع حسناء روسية لأداء مهمة لا تعرف هي عنها شيئاً، يتم اختيارها في هذه اللحظة، لتكون شبيهة تاتاينا رومانوفا في فيلم «من روسيا مع الحب»، من سلسلة أفلام العميل البريطاني 007 جيمس بوند؟