في معرض الأخوين « بدوي»

في معرض الأخوين « بدوي»

أقيم في صالة ألف نون اعتباراً من 9/12 ولغاية 16/12/2017 معرضاً فنياً للأخوين الحلبيين بشير ونعمت بدوي ضمّ حوالي 15 لوحة فنية.


زهير مشعان

قبل تناول اللوحات الفنية لابد من الإشارة إلى استخدام الأخوين مادة الزيت على الخشب كلوحةٍ للرسم بدل القماش أو الورق، وفي هذا دلالة فنية إبداعية على التمسك بالأرض، وعمق الحضارة والتاريخ، الذي تجسده حلقات نمو الأشجار وطريقة توظيفها في اللوحة، كما لابد من الإشارة إلى الربط بين الموسيقى والرسم كتناغمٍ في الشكل، والأنثى طفلة وشابة وامرأة كرمزٍ للحب والخصب والوجود، ولذلك دلالته الحضارية.

لوحات كأيقونات!
اللوحات تبدو كأيقونات روحانية، ونوافذ مفتوحة على التاريخ، بشكلٍ كلاسيكي، تبعث للتأمل وتثير الدهشة وأسئلةً حول النظرة والبسمة والحركة التي تبعث الأمل، ناهيكم عن الألوان المعتّقة حتى لما هو شكل المعادن كالذهب والبرونز، يضاف إلى ذلك إدخال خط الثلث العربي، الذي يتميز بحجمه الكبير عن الخطوط الأخرى، وانسيابيته وقابلية للتشكيل وفق الحركة، وقابليته للتزيين والتجميل، مما يبعث السحر في النفس. كما صورت اللوحات الأنثى بحركات معبرة، ورسمت بحجوم غالبيتها كبيرة بين 80 / 100 سم تبدو كنوافذ مشرّعة على الزمن، مما أتاح للفنانين مساحةً واسعة للتعبير عن أفكارهم بكثافة ودقة.

جمالية خيالية!
رغم أن اللوحات تبدو واقعية، لكنها تسمح للخيال أن يسرح فيها إلى أبعد حدود الزمان والمكان:
كلوحة الأختين اللتين بنظرتيهما المتفائلتين وابتسامتيهما الساحرتين بعمق كالموناليزا لدافنشي، وجرى توظيف الخشب ليبدو كبوابة منفتحة على المستقبل.  
أما لوحة المرأة المستلقية وبرأسها الذي ينظر إلى السماء وكأنها تعد النجوم، وتُبصّر كبصارة تقرأ طالعها في الكلمات المكتوبة بخط الثلث. أما لوحة الشابة شبه العارية وتنظر بشبقٍ ونهديها مشرئبين للحياة فهي رمزٌ للمستقبل والخصب.

الطبيعة الصامتة تنطق
لوحة الطبيعة الصامتة لصحنين متفاوتي الحجم في أحدهما رمانة ونصف رمانة وحبات عنقودٍ من العنب تتناثر حولهما حبات أخرى، وقلم رصاصٍ وورقة صغيرة بيضاء عليها كتابات غير واضحة كتاريخٍ لم يقرأ بعد، وعلى قطعة قماش كلوحة شطرنج باللونين الأبيض والأزرق السماوي، وخلفية من المربعات بأكاسيد معدنية للذهب والبرونز المعتقين، تبدو ملصوقةً بطريقة الكولاج، كأنها رقعة شطرنج، أو جدارٍ حجري مر عليه الدهر وأكل وشرب. وهذه الطبيعة الصامتة تكررت في لوحة أخرى، لكن بدل القلم والورقة كانت هناك زجاجة زيتٍ وفرشاة وسكين رسم وصحن صغيرٍ لمزج الأوان.

الفن بأنواعه المعبرة
فيروز المطربة كانت حاضرةً في لوحةٍ، بشكلها وأغانيها وحركة يديها يقف على إحداهما عصفور، وتقف في طرف اللوحة وأمامها كلمات من بعض أغانيها بخط الثلث. تؤكد اللوحة ارتباط الغناء كفنٍ بالرسم والكلمة والخط في انسجام وتكامل.

الأنثى والموسيقا
تجسدت الأنثى والموسيقا في لوحتين الأولى: تبدو كنافذة أو مرآةٍ تعكس امرأة تعزف على آلة الكونترباص الوترية، وترتدي ثوباً من لون الآلة، وتعانقها وتحتضنها بحنان في حركة تنسجم مع شكل الآلة وميلانها واهتزاز أوتارها، والثانية: لطفلة تعزف على آلة الفلوت النفخية في حركة جانبية وترتدي ثوباً أزرقَ غامقاً كلون معدن الآلة، والخلفية ذاتها الذهب والبرونز المعتق بطريقة الكولاج الملصق، والتي تبدو كجدارٍ زمني، أو رقعة شطرنج.. وكأن الموسيقا كغذاءٍ روحيٍ مرتبطة بالوجود الإنساني.

الطفولة
تجسدت الطفولة في خمس لوحاتٍ: الأولى: طفلة يغطيها شال أخضر وتحمل زنبقة بيضاء، وخلفية من أكاسيد معدنية بلون البرونز والذهب المعتق في مربعات كلوحة الشطرنج المتكررة، تبين أن الحياة مفتوحة على احتمالات عديدة لا تحصى. والثانية: لطفلة تقف جنب جدار الزمن الشطرنجي، بثوبٍ أزرقٍ معتق وخلفها ستائر باللون ذاته، وتحمل زنابق بيضاء في نظرة حزنٍ وتأمل إلى الأمام مع انحناءةٍ بسيطة للرأس في اتجاه مستقبل مجهول. والثالثة: لطفلة تميل برأسها وجسدها نحو الأسفل في ثوبٍ أبيض، وهي تمشط شعرها الطويل المنسدل، وخلفها الجدار البرونزي الشطرنجي ذاته، وكأن الحياة يجب تمشيطها كل فترة لتبدو جميلة في عيوننا.! والرابعة: طفلة تكوّر جسدها وتستلقي على فراشٍ من القماش الملون، تغفو، وتحت رأسها ويدها قصة مفتوحة، يبدو فيها القمر كهلال والنجوم تتلألأ حوله، ولعبتها ملقاة عند قدميها، وكأن حياتها لم تكتمل بعد كالهلال، وخلفية اللوحة جدار الزمن الشطرنجي المعتق ذاته.

الجموح
تجسدت رؤية ورغبات الجموح في الحياة لدى الفنان بشير في لوحتين كبيرتين، الأولى: لفرس بيضاء جامحةً بيديها للأعلى، وتمتطيها أنثى في حركة تجمع جموح الفرس ومضاهاتها بحركة راقصة للفارسة، وأمامهما كلماتٍ بخط الثلث، وكأنهما تتلوان قصيدة، أو ترددان أغنية، بألوانٍ فاتحة فلون الفرس أبيض، وثوب الفارسة الأزرق السماوي.
المعرض لوحاته بدت كلوحة فسيفساء ملونة واحدة، ودلالات متنوعة، وبتقنية عالية سواء في استخدام الزيت والخشب عند بشير، أو إضافة الأكاسيد المعدنية لدى نعمت، وألتقت قاسيون بسيدتين من خريجات معهد أدهم إسماعيل واستطلعت رأييهما في المعرض.
السيدة مها أبو نار النعاج قالت: اللوحات فيها رواق وحرفية وإبداع، وخاصةً استخدام المربعات بطريقة الكولاج.!
السيدة لمى سالم قالت: اللوحات كأيقونات، والشيء الغريب والذي يلفت الانتباه توظيف الخشب بمهارة.!

آخر تعديل على السبت, 16 كانون1/ديسمبر 2017 21:59