إحراق الأوراق الثقافية: بطلي!!

إنه هناك، ربما لا تعرفون أنه هناك، لكنه يجلس بهدوء هناك لا يفعل شيئاً سوى أنه موجود، يجلس خلف بطل الفيلم يشرب عصير المنجا مع فتاة لم يلتق بها من قبل، وعليه أن يتصرف وكأنه يحب هذه الفتاة منذ سنين، وعليه أن يتحدث معها بصوت خفيض، لا يجب أن يعلو أبداً كي لا يشوش على اللقطة أو على البطل، هو نفسه يقف خلف الغزاة،

في مسلسل تاريخي وأول من يهاجم صارخاً بملء فيه، ربما لا تعرفونه ولم تقرأوا اسمه يوماً لكنه هناك وكله إيمان بكل الذي يحدث، هو نفسه الذي يجلس خلف البطل في الميكروباص ساهماً في الطريق بينما يعاني البطل في المقاعد الأمامية، هو نفسه الموجود في كل العصور ينتقل من الحروب الصليبية إلى كافيتريا في دمشق الآن، ليذهب مع أصدقائه الذين يشبهونه كثيراً ويلبس طربوشاً وينتقل بذلك إلى حلب ويمر بالقرب من بائع وهو يصرخ «خاروف خاروف» وربما يلبس ثياب الرقص ويأخذ بالتمايل على أنغام أغنية ويرقص معهم.

وفي كل صورة بصرية متحركة هو .. موجود فيها، أنتم لا تعرفونه لكنني أعرفه تماماً، وأعرف أنه موجود، قتل عشرات المرات لكنه لم يمت، قتل في كل الأفلام لكنه يعود ليعيش مرة أخرى، وقد يموت عشرين مرة في الفيلم نفسه لكنكم لا تعرفون، لأنكم لا تريدون أن تعرفوا، احترق في براكين وزلازل هوليود، وقفز بالمظلة، واحتل النورماندي، واحتل طروادة، وقد يدافع عنها في الفيلم عينه، إنه في كل الجموع التي ترونها، إنه دائماً هناك.. إنه هناك، هل تعرفونه.

لا يكتمل من دون وجوده شيء.

كم كنت حزيناً ذلك اليوم  وأنا أقرأ خبراً على الانترنت عنه: «أكبر كومبارس عمل في السينما والتلفزيون قد مات.» مات بطلي الذي كنت أراقبه دائماً .. أراقب بطلي وهو يقف خلف بطلهم.

■ عمرو سواح

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أُغلق تحرير هذا العدد مساء يوم الاثنين في

4/11/2002

 

«قاسيون» معكم دوماً من أجل: «الدفاع عن الوطن، والدفاع عن لقمة الشعب»! ومن أجل «الحفاظ على وجه الحزب المستقل»!