علي جازو علي جازو

زرقاء مثل أثر عضة حُبّ

أنتِ جميلة               

أسَرَّها: أنتِ جميلة.  هذا الصباح،  كم تبدين جميلة!

لم يحمر وجهها فحسب، بل إن الدمع تزاحم وارتعش وكاد يمزق نظراتها التي سحبَ التغزل المفاجئ هدوءها الناعم . دمع نقي، شفاف كجوف حبة رمان صغيرة ، لم يعهده من قبل في وجه فتاة. ظل خيبة، ندياً كسحابة ربيع، تماوج في قلب الفتاة الصامت، بعد أن استراح وجهها، وخفت لمعان البلل من عينيها الدقيقتين. استغربت جرأته، ثم أخذت تتفحص- تباعاً-وجوه الجالسين حولهما. ربما لحظ أحدهم التغير المفاجئ في ملامحها!ربما تبدلت بساطة حديثها المعتاد، إذْ لم تجد الوقت لتدارك أثر الإسرار اللطيف. ربما كانت مراقبة من أحدهم. وربما تقصد الجالس جنبها أن يختبر، على سبيل المجاملة الماكرة، وحدتها وانطواءها. آه. أرسلت الحيرة عميقة في نفسها. لم يُهدَّدْ حياؤها أبداً مثلما جرى تلك البرهة الغريبة هناك بين حشد ظل بالنسبة لها غامضاً ، مسرفاً في الكلام،  ومشاعاً مثل وباء،  مثل صخور مضجرة،  مثل تعاطف تائه فقير. . !

صباحات السكاكر الملونة 

• إلى ذكرى أمي الأولى 

اعتادت الأم جلب حفنة من السكاكر  إلى ابنها الوحيد.

ليست كأي نوع آخر. هي حبات حمص نصف مقلي، مغطسة بالسكر والطحين. تعددت ألوان حبيبات السكر. بيضاء يقارب ملمسها ملمس الكلس الخشن، حمراء فاتحة مدببة، نهدية كظلّ أمسية أعقبت نهاراً صافياً، زرقاء بلون سماء خريفية رطبة، صفراء خفيفة تجلب ذكريات مرح طائرة.  يلف السمان كمشة السكاكر بورقة هي على الأغلب إحدى صفحات كتاب قراءة الصفوف الأولى. تحملها السيدة مع حاجات البيت اليومية:خضار، أرغفة خبز، وأشياء أخرى. تدس الأم لفافة السكر بحذر تحت مخدة الصبي.  وإذ يستيقظ ، يبدأ على الفور رفع المخدة. أحياناً يكتفي مد أصابعه، تتلمس اللفافة فتسحبها بلا عناء.  رحلت الأم.  كبر الصبي. إ نه الآن مستلق في السرير: بيضاء شفافة كدمعة صغيرة. حمراء كروية عذبة.  نهدية بلون غشاء الفجر. زرقاء مثل أثر عضة حُبّ.  صفراء مغبَّشة مثل توَهّج سنبلة ترى من بعيد!

آخر تعديل على السبت, 03 كانون1/ديسمبر 2016 11:35