الوله التركي.. درامياً

يعيدنا الهوس الشعبي العارم بمسلسل «سنوات الضياع» إلى ذكريات غير سارة، تركها، من قبل، المسلسل المكسيكي «كساندرا».. مرة أخرى ها نحن ذا أمام عمل تلفزيوني غير منته، في قصة «غرام وانتقام» يحيى ولميس، المحمولة على عموميات الخير والشر، صراع الفقراء والأغنياء، مصائر العشاق.. في دوران حول أفكار سطحية، عبر ثرثرة درامية تكاد لا تتوقف، دون أن يشفع لها شيء غير جمال البيئة التركية التي تبدو جزءاً من الدعاية للسياحة في البلد!

ما يدفعنا للوقوف عند «سنوات الضياع» هو وصوله إلى مستوى الظاهرة في البلدان العربية عموماً، وفي سورية على وجه الخصوص، حيث بات الناس يحملون موسيقاه ومشاهد منه في موبايلاتهم، كما أن MBC التي تقوم بعرضه قدمت أغنية عربية للحن ذاته.

الغريب حقاً أن القفزة النوعية التي حققتها الدراما السورية عربياً، على الصعد كافةً، شكلا ومضموناً، تبدو بلا أثر جماهيري، أما «سنوات الضياع» الذي يعيدنا إلى زمن المسلسلات المصرية التي عرفناها في زمن مضى، يوم تمزق العشاق الخيبات، ويصبح العيش نضالاً محموماً لتثبيت قيم أخلاقية، بينما النماذج التي ذهبت إلى ما يهم الفن والحياة، وكنا نظنها حققت شرعية لوجودها، وأقامت علاقة جدلية مع المشاهد ضربٌ من الوهم، فالجمهور التلفزيوني هو الجمهور التلفزيوني، ولن يطلب إلا السطحي والخفيف، ما لم  تأخذ الفضائيات على عاتقها مهمة الارتقاء، وهذا، في المدى المنظور، هذر.. المهمة التي لا تداينها مهمة أخرى ليست سوى الكسب.

«سنوات الضياع» يأخذ بريقه الأول من نجومه، هذا هو السر، فالنجوم الأتراك، نساءً ورجالاً، جميلون.... جميلون جداً، بما يرضي كلا الجنسين من المتفرجين، وعلى وجه التحديد والتعيين والدقة حسناء الأناضول (توبا)، أو (لميس) في النسخة العربية، حيث تتوفر فيها كل مقاييس جمال المرأة العصرية، من طول قامة ونحف ورهافة، إضافة إلى مسحة التهجين الأسيو- أوروبية التي تعطي جسدها ثراءً لا محدوداً. ولا يقل عنها الممثل بولنت إينال، (يلماز) في النسخة الأصلية، و(يحيى) في النسخة العربية، ففيه ذكورة فاقعة فقدها نجوم هذه الأيام الذين تكللهم الميوعة. وجه إينال على ما أظن، ونظراً لسطوته الكبيرة في أوساط الشباب، سيلعب دوراً في العودة إلى ستايل الرجل الفحل، بالشنب العريض حتى أنه، هو نفسه، انتبه لهذا النقطة، فأكدها لدى زيارته لمدينة دبي، بدعوة من MBC، حيث قال: «عليكم تكثيف شواربكن أكثر مما هي عليه الآن».. فشكراً على النصيحة ما دمنا من دون مسلسل نعيش، لا سنوات وحسب، بل قروناً ودهوراً من الضياع. 

آخر تعديل على الثلاثاء, 29 تشرين2/نوفمبر 2016 22:42