التقط «سر الصنعة».. وانطلق!
نور بركة نور بركة

التقط «سر الصنعة».. وانطلق!

لطالما تناولته القصص الشعبية بكثير من التقدير والاحترام وبجو من العبق السحري الأخاذ.. إنّه «سر الصنعة»! ذاك الكنز الغالي الذي تتوارثه الأجيال ضمن العائلة بما يضمن الاحتفاظ بميزات وفوائد التفرد بالصنعة، لا المادية المباشرة فقط، بل والمعنوية أيضاً.

 

لكم زمان مضى! وشأن الزمن المضي قدماً، متغيراً ومغيّراً معه العالم. العالم الذي «يتقدم»، وصل محطة زمنية جديدة.. إنه الآن في غمرة زمن مختلف، زمن إفشاء الأسرار، زمن «العلم حق للجميع» و«أعطوا الجميع فرصة».. فالسرّ الكبير غدا الآن مباحاً للجميع ولم يعد حِكراً على أحد، عليك فقط أن تبحث عنه. ولكن رويداً.. هل تجري الأمور حقاً بهذه البساطة؟

لأن هنالك فرقاً شاسعاً بين العصور، ولأن القارئ الكريم إنسان معاصر أزاح العلم الغشاوة عن عينيه، فهو يحتاج لدلائل وقرائن تتناسب مع وعيه.. مثلاً: دان براون الروائي الأميركي الشهير الذي حققت كتبه مبيعات خيالية في السوق الأميركية والعالمية على حد سواء، يعرَي كواليس وكالة الأبحاث الأمريكية وخططها في «حقيقة الخديعة»، ويبدأ نجاحه طبعاً، كبطل أمريكي ينطق بالمستور والمخفي، في رواية «الحصن الرقمي» فاضحاً الهيمنة الأمريكية على العالم، وها هم «القادمون» يفكون الرصد ويطلقون رعب الماسونية مفشين السر الكبير غير آبهين بالعواقب.

وإني إذ أفترض أن القارئ على ثقة الآن، بعد أن شهد على منحى هذا العصر في كشف المستور، أسرد ها هنا «المفيد المختصر»: كيف تكون قائداً عظيماً؟ الخطوات العشر باتجاه النجاح؟ افعلها وتربع عرش الثروة..

لا بد وأن صادفتك مراراً عناوينُ كهذه خلال يومك العادي، فهذه المقالات الملهمة حول كيفية النجاح والتفوق والتميز واستغلال الطاقات الكامنة وغيرها، تغزوك من كل حدب وصوب وتنعشك بنسمات الأمل رغم أن تراكمها يبعث في نفسك في نهاية المطاف إحساساً ثقيلاً من الشعور بالذنب وبالتقصير، إلا أنها تبقى ضمن إطار الخطوات الأولى، أما الخطوات الفعلية فتبدأ مع الدورات والدبلومات والأكاديميات التي تسّوق لهذه العلوم ذات المفعول السحري، فأنت ستمتلك آليات وتكتيكات شديدة الفاعلية، ووصفات تقنعك تماماً أنها كتالوجات دقيقة لتصنيع «السوبر مان» والتي قد تم رفع النقاب عنها أخيراً. بل وحتى أن نجاحك المنوط بـ«قوالب عصرية جاهزة» يقع على بعد خطوات من حيث تقف الآن..

تصبح الحياة «من سيربح المليون» و«الرابح الأكبر»، وما بين دروشة «الخيميائي» وواقعية تنفيذ «السرّ» تتمثل الأحلام صورة القمر، تمد يدك لالتقاطه إذ تراه قريباً في متناولك، ينطلق السباق وإذ الفائزون قلة نادرة. التقط أنفاسك سريعاً، فلم تهزم بعد إلا قليلاً، والسباقات كثيرة.. ليس لك أن تتذمر، طالما السر مباح للجميع فالمسؤولية ملقاة على عاتقك وحدك.

ولكي تجزم بذلك فإليك سيراً ذاتية براقة للعديد ممن وصلوا القمة وتربعوا العروش، هاك اقرأ وتعلم مجاناً، هكذا بدأوا وهكذا صاروا، وأنت إن أمعنت الفكر وطبقت الشيفرة وصلت ما وصلوا وربما أكثر.. التقط أنفاسك سريعاً.. سباقات كثيرة بانتظارك.

حتى تكتمل الحلقة فتضمن «الرضى مهما كانت النتائج» فلا بد من تناقضات تلفت الانتباه وتثير الحيرة في آن معاً: فأنت، وفقاً لباولو كويهلو، تستطيع أن تحقق أسطورتك الشخصية، ولكن انتبه يا عزيزي لا تذهب بعيداً لأنه في نهاية الأمر «الرابح يبقى وحيداً»، وأنت مخلوق طيب لا يحب الوحدة.. ولكن لك أن تختار، فهذه «حريتك الكاملة» التي يهديك إياها عالم جديد سرُّ الصنعة فيه أن «يكشف» لك سرَّ الصنعة!