عجائز..!!
روز سليمان روز سليمان

عجائز..!!

كيف يمكننا أن نحدّد الوصف المثالي الذي يمكنه أن يقدّم التأكيد على عجز المثالية الدينية ضمن كل هذا الخراب الدائر في البلاد، أن تعيد استحضار الفضيلة التي لم تكن مجرد مطلب عند البعض بل كانت سلوكاً أيضاً!!..

وكيف يمكننا بالمقابل أن نحدّد الوصف الواقعيّ، الذي يمكنه أن يجعل من ضرورة أن يمارس كل امرئ في هذا البلد سيطرة كاملة على نفسه، تحديداً علنيّاً يضمن الانضباط والاتزان واحترام النفس والآخرين والجسد والفكر والذهن أيضاً.. نحتاج إلى الواقع وأكثر ما نحتاج إليه هو العقل في إمكانية أن نتمكّن فعلاً من تحديد الوصف المطلوب سلوكه؛ وكأننا نكتشف أن ثمّة البعض لا نيّة له بالامتثال ولا رغبة لديه بالسيطرة على نفسه.. لن ينضبط ويتزن ويحترم كل ما سبق.. ثمّة بعض كثير سيبقى يعلن الولاء الممنهج للعنف والدم والدمار والقتل، ثمّة من هم "متواطئون" مع الدم و "شركاء" مع الخراب.. فمتى أصبح القتل منهجاً وسِع كل ذاك الدّم ومتى أصبح البلد أرضاً بلونه، متى يصبح الماء بلون الغرق..

هل تفكّكنا؟!!.. نسأل وكأننا نرى خلف العدم "بُغضنا" لبعضنا.. "شكوكنا".. "نقّنا" الزائد.. "تبرُّمنا" المفرط..  نرى ما ليس لنا أصبح لنا.. وما لنا لم يعد لنا.. وفي مثل تلك الرؤية أصبحنا "متواطئين" و"شركاء"!!.. "خائفين" و"جياع" و"عطشى" و "مقتولين" كلنا.. قتْلى.. كلنا "قتَلة"!!.. لا طفولة لنا ولا مراهقة .. أصبحنا "عجائز".. مجرد عجائز مقتولين وقتلة .. أموات نحن في هذا الفراغ الوهميّ عندما أصبحنا ومن حيث لا ندري "متواطئين" و"شركاء" في هذا الخراب الذاهب إلى عدمٍ لا يضاهيه في عدميّته غير القتل!!..

في كل هذا الخراب لم يعد لدينا "حجتنا" في الفن والأدب ولا في الأخلاق.. لقد شوَّهَنا "التواطؤ" وقتَلتْنا "الشراكة".. لم نعد مضطرين للبحث في هذا البلد عمّا ليس فيه.. لم نعد مضطرين أن نشوّه بالخيال والمخيلة ما هو واقعٌ في هذا الواقع من خلال لوحة فنية أو رواية أدبية أو عمل سينمائي مثلاً.. ها قد شوَّهَتْنا "شراكة" القتل و نفتْنا مراسم الجنازات إلى "السكون" و"الصمت"!!..

ليس الصمت هنا انضباطاً ولا أخلاقاً ولا فضيلة ولا مثالية.. الصمت "شراكة".. هنا وفي هذا الوقت بالذات حرفة وامتهان ومصلحة.. الصمت "تواطؤ" سريّ خلف الكواليس.. في هذا الوقت بالذات لا وقت للصمت.. لا وقت للـ "التواطؤ" ولا للـ "الشراكة" .. لا نكن مجرّد متطفلين ودخلاء.. كن أنت بلا شراكة وبلا تواطؤ.. ليبقى السؤال إلى متى سنبقى في "الطاعة" إلى كل من يريدنا أن نكون "متواطئين" و"شركاء" في الخراب!!.. فقط لو أدركنا كيف ننظر إلى بعضنا بعضاً لما طالب كل منّا بالمساواة مع الآخر.. فقط لو أدركنا لشعرنا بأهمية الفرق بيننا وبينهم.. وإلى أن ندرك الفرق وفقط عندما ندرك لن نكون "متواطئين" وشركاء مع القتل والخراب.. لن نكون مجرّد "عجائز" نبحث في العدم!!. 

آخر تعديل على الجمعة, 22 تشرين2/نوفمبر 2013 18:40