«الطبقة العاملة تذهب إلى الجنة»

«الطبقة العاملة تذهب إلى الجنة»

شكلت الطبقة العاملة جزءاً أساسياً من تاريخ الفيلم التسجيلي على مر عمره، بدأت مع أفلام الرواد الأوائل  مثل دزيغا فيرتوف، سيرغي إيزنشتاين، يوريس إيفنس، وغيرهم الكثير، إلى اليوم، فصنعت أفلام كثيرة مختلفة ومتفاوتة، قاربت حياة العمال وهمومهم وثوراتهم وإضراباتهم وما تعرضوا له وما أنجزوه.

يأتي فيلم «الطبقة العاملة تذهب إلى الجنة» للمخرج الإيطالي إيليو بتري كأحد أبرز هذه الأفلام أوائل سبعينيات القرن العشرين، صور نضال الطبقة العاملة وحلمها الجميل ورسالتها الثورية. حصل الفيلم على جائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان عام 1972.

لعبت الماركسية دوراً في إيقاظ وعي الطبقة العاملة لدورها وتنظيم نضالها خلال مسيرتها إلى الجنة، «الاشتراكية» حسب مفهوم بتري، فيسلط الفيلم الضوء على إحدى أهم الحركات الاجتماعية في الاتحاد السوفييتي وهي الحركة الستاخانوفية.

ماهي «الستاخانوفية»؟؟

بدأت الستاخانوفية كحركة خلال الخطة الخمسية الجديدة عام 1935، وهي مرحلة جديدة للمنافسة الاشتراكية، سميت على اسم ألكسي ستاخانوف عامل المناجم الذي أبدع طريقة ثورية في العمل عندما قام بإنتاج 102 طناً من الفحم في خمس ساعات فقط، أي أنه أنتج كمية أكثر من الحصة المعتادة  بـ 14 مرة خلال ساعات عمل أقل من ثماني.

بعد ستاخانوف ظهر عامل مناجم آخر اسمه نيكيتا إيزوتوف  قام باستخراج 607 طناً في يوم عمل واحد أي خلال ثماني ساعات عام 1936.

سرعان مادعمت قيادة الحزب الشيوعي لعموم الاتحاد السوفيتي آنذاك هذه الحركة فانتشرت وامتدت إلى قطاعات وصناعات أخرى. كقطاع السيارات والأحذية والغزل والنسيج والأخشاب والسكك الحديدية والزراعة، وشاركت النساء أيضاً أمثال باشا أنجلينا التي « كانت أول امرأة سوفيتية تشغل جراراً» وغيرها الكثير.

في تشرين الثاني 1935 عقدت الحركة مؤتمرها الأول. أكدت فيه على دورها البارز في البناء الاشتراكي. وعندما ناقشت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفيتي لاحقاً جوانب تطوير الصناعة ونظام النقل على ضوء ماقدمته هذه الحركة صاغ ستالين قرار اللجنة بـ«إن الحركة الستاخانوفية تعني تنظيم العمل بطريقة جديدة وترشيد العمليات التكنولوجية وتقسيم العمل بشكل صحيح وإعفاء العمال المؤهلين من الأعمال التمهيدية الثانوية وتحسين مكان العمل وتوفير النمو السريع لإنتاجية العمل وتأمين زيادة كبيرة في رواتب العمال».

«كاسرات القواعد»

ونظمت شبكة واسعة من المسابقات الستاخانوفية في مختلف قطاعات العمل، وكانت النساء فيها أقل بكثير من الرجال، ومع ذلك جرى تخصيص ريع لجميع نساء الاتحادات النقابية باسم «كاسرات القواعد» وكانت أغلبية النساء فيها يعملن في الأرياف مثل الحلابات وراعيات العجول والعاملات في الحقول.

استخدمت الحركة أساليب مختلفة لزيادة الإنتاجية خلال الحرب العالمية الثانية، كتشغيل عدة آلات عمل في وقت واحد والجمع بين المهن. ونظم أعضاؤها «حركة المائتين» وتعني زيادة 200% أو أكثر من الحصة المحددة في فترة العمل الواحدة  و«حركة الألف» أي 1000% زيادة، وكانت هذه الأرقام المذهلة سبباً في انتشار الحركة على نطاق واسع بعد الحرب. وانتقالها إلى البلدان الاشتراكية الأخرى.

جرى تشجيع ستاخانوف وغيره من العمال النموذجيين في الصحافة والأدب والسينما، وحث العمال الآخرين لمحاكاة أمثلتهم البطولية وكانت إنجازات أعضاء الحركة بمثابة حجة لمصلحة زيادة حصص العمل.

بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي استبدلت السلطة السوفييتية الحركة بنظام كتائب العمل الاشتراكي ذات الطابع البيروقراطي، مدعية من خلال سعيها لتقويض إنجازات ستالين أن هذه الحركة « مجرد» مناورة دعائية منه.

أعمال سينمائية أخرى

كانت الحركة موضوعاً لأعمال سينمائية وأدبية أخرى في عدد من بلدان العالم، منها رواية «الناقلة دربند» ليوري كريموف التي أصبحت لاحقاً موضوعاً لفيلم روائي سوفييتي طويل، تتحدث عن بطولة عمال النفط والبحارة أثناء نقل النفط عبر بحر قزوين. ورواية «المصارع» لهاري تيرتليدوف الذي يتحدث عن الحركة الستاخانوفية في أوروبا الشرقية. بالإضافة إلى فيلم «رجل من رخام» للمخرج أندريه وايدا الذي يهاجم الحركة مصوراً صعودها وانطفاءها لاحقاً في بولونيا الشعبية.