بين قوسين  مارلين.. أمريكا
خليل صويلح خليل صويلح

بين قوسين مارلين.. أمريكا

لو لم ترحل مارلين مونرو (1/6/1926- 5/8/ 1962) باكراً، لكنّا اليوم أمام امرأة في السادسة والثمانين. لن نتعرّف بسهولة على أيقونة الرغبة الهوليودية بشعرها الأشقر، وأحمر شفاهها الناريّ، وفستانها المثير. عبورها الخاطف كشهاب، كان ضروريّاً، كي تضيف هوليود إلى أرشيفها لغزاً غامضاً، في مطحنة النجومية. في الواقع لم تتوقف هذه المطحنة، لحظة واحدة، عن استعادة صورة «نورما جين» وتغذيتها بأسرار جديدة.

 احتفالات هوليود في هذه المناسبة بمهرجان استعادي لأشهر أفلامها، ومعرض لمقتنياتها (حتى 2أيلول المقبل)، محاولة أخرى لصناعة الحلم، وإقصاء نصف قرن على غياب صاحبة «البعض يفضّلونها ساخنة»(1959)، وكأنها لم تمت منتحرة أبداً. لوحة آندي وارهول التي تحمل رسمها، في نسخها المتعددة، عابرة للحدود والأزمنة، بالإضافة إلى طابع يخلّد ذكرى «شمعة في مهبّ الريح» وفقاً لعنوان أغنية ألتون جون عنها. «التّنورة المتطايرة في الهواء» في لقطة من فيلم «لا شيء أروع من عالم الاستعراض» لمخرجه بيلي وايلدر (1954)، ستبقى أكثر اللقطات شهرة في تاريخ مارلين مونرو السينمائي. في تلك اللقطة تقف مارلين مونرو على الرصيف فوق شبكة معدنيّة مثبّتة على فتحة تهوية محطة مترو الأنفاق. عندما يمرّ المترو داخل النفق من تحتها، ترتفع تنورتها في الهواء لتصل إلى قمة رأسها وتكشف عن ساقيها، وذلك بفعل ضغط الهواء الناجم عن مرور المترو في الأسفل. مع أن المشهد جرى تصويره في الثانية بعد منتصف الليل، فقد تجمّهر نحو ألفي شخص ليراقبوا مارلين في تلك اللقطة المثيرة. ولكن هل توقفت تلك التنورة عن الطيران؟ لم تكن مارلين ترغب تكريسها في صورة «الشقراء الحمقاء»، لكن مطحنة هوليود لا تنصت إلى رغبات الممثلين بقدر اهتمامها بصناعة الإثارة، وكان على مارلين مونرو أن تدفن أحاسيسها الأخرى داخل صورة الدميّة البلاستيكية المشتهاة كدمغة أبديّة للإغراء، في صراع داخلي عنيف مع شخصيتها الحقيقية، وهويتها المغيّبة قسراً، وهذا ما قادها أخيراً، إلى العزلة والاكتئاب، لتنهي حياتها بجرعة مفرطة من الحبوب المنوّمة، جثة هامدة إلى جانب سماعة الهاتف الملقاة إلى جانب سريرها..

مارلين مونرو في شيخوختها الافتراضية صورة أخرى لوجه أمريكا اليوم!