إما «تغيير» الرأسمالية.. أو المجاعة!

إما «تغيير» الرأسمالية.. أو المجاعة!

نشرت مجلة فوربس الأمريكية في وقت سابق مقالاً بعنوان «ما لم تتغير الرأسمالية، فإن البشرية ستواجه مجاعة بحلول 2050». وحسب الكاتب فإن الرأسمالية التي ولدّت ثروات هائلة للبعض، تسببت بدمار الكوكب، وفشلت في تحسين رفاه الإنسان على نطاق واسع. وفيما يلي نقدم قراءة لأهم الأفكار الواردة في ذلك المقال.

الشركات الرأسمالية الساعية لتحقيق الربح الأقصى بطرق غير مسبوقة، وإن كان ذلك على حساب إتلاف الكوكب، أوهلاك البشرية، كرست جزءاً كبيراً من ثرواتها، لتضليل البشرية، وخلق وجهات نظر متضاربة حول التغير المناخي والترويج لانطباعات بعدم وجود يقين علمي حول ذلك، بالمقابل فإن الحقائق العلمية والاقتصادية توضح بشكل لا لبس فيه، أن استمرار الرأسمالية يعني كارثة بشرية وشيكة، لذلك فإن التغيير قادم لا محالة.

 15% من الأمريكيين تحت خط الفقر!

يقدر عدد السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر في الولايات المتحدة اليوم بحوالي 15% من السكان، أي: أكثر من 45 مليون شخص، وهو أعلى معدل منذ الستينيات. حيث استمر المعدل بالتراجع منذ أزمة الركود الأخيرة، وعلى خلاف الأزمات السابقة، فإن الكثير لم يستطع حتى الآن استعادة وظائفهم وتحسين الدخل، فالرأسمالية دخلت في طور جديد من الركود طويل الأجل.  ويعكس ذلك أيضاً تراجع قدرة الحكومات على إعادة التوازن من خلال الإنفاق الحكومي، حيث خفضت الحكومة الأمريكية المليارات من برنامج الدعم الغذائي، وإنهاء مساعدات البطالة، التي ساعدت أكثر من مليون شخص عاطل عن العمل لفترة طويلة.

حوالي 13 مليون هكتار خسائر الأرض من الغابات سنوياً!

ذكرت منظمة الأغذية والزراعة أن استنزاف الغابات في العالم اليوم، وخاصة تحويل الغابات الاستوائية إلى أراضي زراعية، قد انخفضت على مدى السنوات العشر الماضية، ولكنها لا تزال مرتفعة بمعدل ينذر بالخطر. وعلى الصعيد العالمي، تم تحويل حوالي 13 مليون هكتار من الغابات إلى استخدامات أخرى أو فقدت من خلال ظروف طبيعية سنوياً بين عامي 2000 و 2010 مقارنة بحوالي 16 مليون هكتار سنويا خلال التسعينات. ويحدث ذلك أيضاً بسبب قطع الأخشاب الانتقائي أو غيرها من أنشطة التدخل البشري. تلك المعدلات البالغة الارتفاع للخسارات الصافية في رقعة الغابات وبالتالي ارتفاع مستويات العوادم الكربونية، بالإضافة إلى اعتمادنا على الوقود الأحفوري هو المسبب الرئيس للتغير المناخي. 

معدل انقراض الأنواع 

أعلى بـ 1000 مرة!

بينت المقالة أن معدل انقراض الأنواع الحية أصبح أعلى بـ 1000 مرة من المعدل الطبيعي الذي كان عليه خلال الـ 65 مليون سنة الماضية، فكوكبنا الآن هو في خضمّ الانقراض الجماعي السادس للنباتات والحيوانات، الموجة السادسة الحالية هي الأسوأ منذ فقدان الديناصورات قبل 65 مليون سنة. وعلى الرغم من أن الانقراض ظاهرة طبيعية، فإنه عادة يحدث بمعدل طبيعي يتراوح بين واحد وخمسة أنواع في السنة. بينما تقديرات العلماء تقول: أننا نخسر الآن أنواعاً حية بمعدل أعلى  بـ  1000 إلى 10000من المعدل الطبيعي، مع انقراض العشرات حرفياً كل يوم. مما ينبئ بمستقبل مخيف مع استمرار الوضع على ما هو عليه، حيث يصل إلى ما نسبته من 30 إلى 50 في المئة من الأنواع جميعها قد تتجه للانقراض خلال نصف قرن. وخلافاً للانقراض الجماعي في الماضي، والناجم عن أحداث طبيعية مثل ضربات الكويكبات، والانفجارات البركانية، والتحولات المناخية الطبيعية، فإن الأزمة الحالية سببها النشاط الرأسمالي . والواقع أن 99% من الأنواع المهددة حالياً معرضة للخطر من جراء الاستغلال الجائر للموارد. ولأن معدل التغير في محيطنا الحيوي آخذ في الازدياد، ولأن كل انقراض لنوع قد يؤدي إلى انقراض الآخرين، فإنه من المرجح أن يتسبب ذلك في حدوث انهيار للنظام البيئي. 

معدلات تمركز عالية !

يمتلك مديرو الصناديق اليوم في المؤسسات المالية العالمية أغلبية الأسهم وبنسبة 70٪، مما يعكس المعدلات العالية لتمركز الثروات. هؤلاء المالكون هم أقلية وليس لديهم ركائز في المجتمعات التي تعمل فيها الشركات. وعلاوة على ذلك، تتركز الأسهم التي تسيطر عليها الإدارة في أيدي عدد قليل من الرئيس التنفيذي وغيره من كبار التنفيذيين. فالأقلية اليوم هم من يملكون، بينما الأغلبية يعملون ولا يملكون. لذلك لابدّ من إعادة توزيع الملكية وبالتالي نحن بحاجة إلى بناء نظام جديد، نظام يوازن بين النمو الاقتصادي والاستدامة والازدهار البشري.

  من الربح الأقصى إلى هدف بديل! 

يعتبر الاقتصاديون الماركسيون، أن التناقض ما بين الرأسمالية والطبيعة قد وصل إلى تناقض تناحري، أي: إما استمرار الرأسمالية، أو استمرار التدهور البيئي السريع، الذي يهدد استمرار البشرية، وتنتقل هذه الحقيقة لتتحول إلى وقائع، ترد على صفحات أهم المجلات الاقتصادية العالمية، وأكثرها تمويلاً رأسمالياً! 

فالسعي نحو الربح الأقصى، وهو القانون الأساسي في استمرار المنظومة الرأسمالية، أصبح يهدد النظام البيئي، وكوكب الأرض إلى حد أنه ينبغي إيقافه، وليس تغييره، إنّ ولادة نمط تكنولوجي إنتاجي يكيف الإمكانات العلمية التكنولوجية والاقتصادية البشرية مع متطلبات إعادة ترميم ما تم تدميره بيئياً، ويتيح تثبيت الحفاظ على البيئة كمعطى وهدف في عملية الإنتاج الاجتماعي، يتطلب الانتهاء من هدف الإنتاج الرأسمالي القائم على السعي نحو الربح الأقصى، ويتطلب مواجهة مع القلة المالكة للثروات الاجتماعية، لانتزاع قدرة القلة على تقييد تطور الإنتاج البشري، وتكييفه مع الطبيعة، وانتزاع قدرتهم على المحافظة على الهدف الضيق للإنتاج البشري حالياً، وهو «الربح»، الذي ينتجه المنتجون وتحوزه القلة المالكة عالمياً.

إنّ عملية من هذا النوع، لا يمكن أن تتم بتغيير الرأسمالية، بل بالمعركة معها...

 

معلومات إضافية

العدد رقم:
809