فصام إصلاحي

... وعلى غير العادة سارعت رئاسة الوزراء لنفي ما تناقلته وسائل الإعلام من تفسيرات حول تعميمها رقم 12562تاريخ 6/9/2011 والذي تقرر في جلستها المنعقدة باليوم نفسه وجاء فيه: (السيد وزير...التعميم على العاملين في وزارتكم والجهات التابعة لها كافة بعدم الإدلاء بأي تصريح صحفي يتعلق بعمل وزارتكم والجهات التابعة لها إلى أية جهة كانت إلا من قبلكم بالذات، أو ممن ترتؤون تفويضه بذلك).

ورأت الحكومة في نفيها (أن الكتاب إجراء تنظيمي يهدف إلى توحيد الرؤية لدى كل جهة وإيجاد مرجعية محددة تمتلك المعلومة الدقيقة، وتقدر أهميتها وحساسيتها ولاسيما ما يتصل منها ببعض القضايا الاقتصادية، وانعكاساتها في هذه المرحلة حيث تتعرض سورية لمؤامرة خارجية تعمل فيها بعض وسائل الإعلام المغرضة على تشويه الحقائق وتزويرها لزعزعة أمن سورية واستقرارها).

نعم من حق الحكومة أن تتحسب لما يحاك، وأن تحدد مرجعية تمتلك المعلومة الدقيقة، ولكن ملاحظات الإعلام الرسمي أو الخاص، والانتقادات التي وجهت للقرار من جانب إعلاميين ومؤسسات إعلامية لم تكن من باب عدم إيمانها بخطورة المرحلة، بل جاء من خلفية المعاناة التي تعترض عمل الصحفي في القضايا المحلية، وتواصله مع المؤسسات والدوائر والوزارات في شؤون تتعلق بأوضاع المواطنين، أو قضايا حساسة تلامس ما يجري من فساد، وهذا ما اعترضته طوال عقود بيروقراطية التعامل، والحجاب الذي يفصل بين الصحفي والمؤسسات الحكومية والذي يسمى المكاتب الصحفية، والتي في أغلبها يديرها موظفون ينفذون بحرفية ما يقال لهم، ومهمتهم تعطيل عمل الصحفي وإدخاله في زواريب ومكاتب لا نهاية لها.

ويضيف المصدر الحكومي: (بالنسبة لقضايا العمل اليومي وخطط وبرامج الوزارات والجهات التابعة لها فإنه لا يوجد ما يمنع أبداً من تزويد وسائل الإعلام بالمعلومات والبيانات التي تحتاجها، ولا يوجد ما يمنع من إعطاء التصريحات المتعلقة بها حسب اختصاص هذه الجهات فيما يطلب منها، وذلك تعزيزاً لعلاقة وثيقة من التكامل والشفافية والمشاركة في المسؤولية الوطنية بين الجهات التنفيذية ووسائل الإعلام..).

وهنا من وحي التجربة.. لماذا كانت إجابة أغلب المدراء على قضايا تتعلق بعمل مديرياتهم دائماً: أريد موافقة الوزير، وعندما يتجرأ أحدهم ويتبرع بإجابة إما أن يُوبخ، أو يطلب من الصحفي أن ينشر المعلومة دون أن ينسبها له.

لماذا كانت أغلب القضايا الاجتماعية وخصوصاً تلك المتعلقة بالبلديات لا تلقى أي صدى عند السادة المحافظين فقط لأن المكتب الصحفي (نام على القصة) بسبب هاتف من رئيس البلدية مشفوعاً بظرف مختوم.

وفي جانب آخر يتعلق بالحكومة وتعميماتها التي ينفذ منها ما يخدم البعض، وأما ما يخدم الصالح العام لا ينفذ بل يصنّف كورقة في مصنف (تعميمات حكومية).. ومثال على ذلك التعميم المتعلق بأن ترد المؤسسات والمديريات والوزارات عما ينشر في الصحافة حول عملها في مدة أقصاها 48 ساعة، وهذا ما لم يلقَ صدى عند الكثير منها.

نعم نحن بأمس الحاجة في ظرف كهذا إلى تفعيل مصطلحات جاءت في توضيح (المصدر الحكومي) على الأرض لا في المؤتمرات... التكامل.. الشفافية.. المشاركة في المسؤولية الوطنية بين الجهات التنفيذية ووسائل الإعلام.

نحن بحاجة إلى أن نحتكم لعنوان واحد فقط.. هذا الوطن الجريح؟ 

ملاحظة: تمت كتابة هذه الزاوية بالشكل والطريقة والنية التي تتعمد عدم التجريح بأحد لأسباب لها علاقة بالوضع الراهن المليء بالتوتر، علماً أن المسألة كانت تستدعي أكثر من التجريح بكثير، فالبلاد تسير في درب وعر، وهي أحوج ما تكون إلى بصيص أمل، لا إلى حجارة وعراقيل وسدود وهاويات وحواجز طبيعية وغير طبيعية تعيق أي أمل بإيجاد مخارج آمنة في هذه العتمة..  

آخر تعديل على الثلاثاء, 25 تشرين1/أكتوير 2016 12:21