د. محمد حبش: يجب حجب «الدعم» عن المهربين والمترفين والأجانب..

د. محمد حبش الذي شهد السجال الساخن بين الحكومة وأعضاء مجلس الشعب في الجلسة الأخيرة للمجلس تحدث لـ «قاسيون» حول المقترح الحكومي برفع الدعم قائلاً:

الحقيقة أن الحكومة كما هو معلوم بحسابات رقمية بسيطة، اقتنعت بأن رفع الدعم سيحقق وفراً للخزينة بقيمة عدة مليارات، وأصحاب الاقتراح لديهم أيضاً حلول طيبة، ولذلك قرروا أن يساعدوا الفقراء بمبلغ من المال سنوي، ليخففوا عنهم معاناة رفع أسعار المحروقات عندما يرفع الدعم عنهم، ولكن في الواقع الحكومة يجب أن تلاحظ ما جرى خلال الشهر الماضي، لأن ليس رفع أسعار المازوت، بل شائعة رفع أسعار المازوت رفعت أسعار كل شيء، ليست المسألة أن الفقير سيتضرر، المسألة حسابياً تماماً كما قالت الحكومة، عندما تعطي الفقير 12 ألف ليرة في السنة وتحرر سعر المازوت فأنت تخدم الفقير بهذا القطاع، لأن الفقير فعلاً لا يستهلك أكثر مثلاً من 24 ألف ليرة مازوت نصفها (حسب المقترح) تدفعه الحكومة، ونصفها سيدفعه المواطن، إذاً النتيجة واحدة. ولكن ما يجري ماذا عن تداعيات رفع أسعار المحروقات؟؟ قالت الحكومة إنه لا توجد دولة في العالم تدعم المهربين إلا سورية. إذن نحن ندعم المهربين الذين يهربون المازوت، في الواقع هذا الكلام اعتراف من الدولة بأنها لم تتمكن من قمع التهريب، وبالتالي نحن نتساءل ما الذي يمنعها من قمعه؟؟ هذه مسؤولية الدولة. ثم إن رفع أسعار المحروقات إلى الضعف لن يحل المشكلة، لأن أسعار المحروقات في الدول المجاورة وخاصة في تركيا هي تقريباً خمسة أضعاف، هل سنرفع سعر المحروقات خمسة أضعاف حتى نقضي على التهريب؟ سيبقى التهريب موجوداً، ولكن الدولة هي التي تقرر كيف تواجهه.

من جانب آخر الحكومة تقول مثلاً: لماذا ندعم أصحاب المزارع الذين يستهلكون في كل عام مليون ليرة مازوت على مزارعهم وفيلاتهم وشوفاجاتهم ومكيفاتهم؟ هذا كلام منطقي يجب أن ينظر إليه باحترام، وتقول الحكومة أيضاً: لماذا ندعم غير السوريين؟ لدينا في سورية أكثر من مليون ونصف أو حوالي مليونين من جنسيات مختلفة وإبقاء سعر المحروقات مخفضاً يعني أن الدولة تدعم مليوني إنسان غير سوري وهذا يشكل عبئاً كبيراً عليها. نحن متفقون مع منطق الحكومة بالحاجة إلى وقف الدعم عن التهريب ووقف الدعم عن غير السوريين ولكن لن يتحقق ذلك بتحرير أسعار المازوت، لأن البلد كلها ستدخل في موجة فظيعة من الغلاء. ما حصل أن الحكومة واجهت معارضة شديدة، وكان من أهم أساليب المعارضة هي العرائض التي أعدها المثقفون وهيئات لها مصداقية في البلد، وربما هنا يحق لي أن أشير إلى الخطاب الذي وجهناه إلى الحكومة باسم لجنة الحوار الوطني، وأعتقد أن قاسيون جزء منه، ووقعت عليه شخصيات مرموقة في سورية، الأمر الذي دعا الحكومة إلى تأجيل تنفيذ مشروع رفع الدعم. الآن نحن ضد رفع الدعم وضد تحرير أسعار المازوت وضد البقاء على الوضع الحالي. فعلاً أنا لست مسروراً بأن أدعم المهربين ولست مسروراً بأن أحمل المواطن السوري مسؤولية دعم مليوني إنسان ضيوف في بلادي، ولست فرحاً أيضاً بأن أدعم الغني الذي يحتاج مسبحه المفلتر سنوياً إلى مليون ليرة من المازوت. ليذهب ويشتر المازوت بالسعر العالمي. ولكن يا حكومة تفضلي وأعطينا الحل الصحيح، حتى الآن لم تطرح حلول حقيقية، هذا ما ننتظره في قادم الأيام، حل البطاقة الذكية فيه ثغرات كثيرة. الآن تمكننا من تأجيل المشروع، ولكن إذا طال التأجيل نحن الذين سنطالب الحكومة بالتقدم بالحل لأننا لسنا موافقين على بقاء الوضع الحالي كما هو.