أجور الري والضرائب الجديدة ستهجّر بقية الفلاحين من حقولهم!!

أصبح الفلاح والزراعة في أسوأ حال بعد رفع سعر المحروقات، وبعد اتخاذ العديد من القرارات البائسة الأخرى كرفع سعر السماد والسماح باستيراده وغيرها من القرارات المركزية التي لم تصب في مصلحة الزراعة والمزارعين..

ثمّ جاءت سنوات الجفاف لتفاقم الأمور، إذ اضطر أغلب الفلاحين لهجرة أراضيهم ومنازلهم، واللجوء إلى أحزمة الفقر في العاصمة ومدن الداخل التي تحولت إلى مخيمات تعصف فيها الرياح والرمال..!!

ومما يزيد شجون الفلاحين الذين بقوا مصرين على البقاء في أرضهم لأنّ لا سبيل لهم للبقاء أحياء إلاّ العمل بالزراعة على قلة جدواها، هو أجور الري للأراضي التي نُفذت فيها مشاريع الاستصلاح، ومحاسبتهم حتى على السنوات السابقة التي لم يزرعوا فيها.. علمأً أن أغلب المشاريع المنفذة لم تستكمل، فقد بقيت أغلب الأراضي دون تسويةٍ، ودون توزيع.. فالتوزيع يجب أن يخرج المصارف والطرقات والسواقي من مساحات الأرض، وبالتالي تحاسب الفلاح بموجب الملكية المسجلة في سندات الملكية وليس على الواقع.. ناهيك أن خنادق الصرف في بعض المناطق لم تحقق الجدوى المناسبة، فجرى تطبيق الصرف المغطى بطريقةٍ تختلف عن الدراسات المعدة بالإضافة لسوء في التنفيذ مما جعل الأمور تبقى على حالها لأن النتائج كانت ضعيفة جداً..

أمّا آخر طعنةٍ تلقاها الفلاحون فهي فرض ضرائب بنسبة 10% على أجور الري تحول إلى حساب المحافظة المعنية في مصرف التسليف الشعبي.. مما يدعو إلى التساؤل:

ما هي الخدمات التي تُقدمها المحافظة للفلاح في مجال الري لتقوم بفرض الضرائب على المنتفعين منها!؟ وبالتالي فإنه لمن المستغرب موافقة أغلبية مجالس المحافظات على هذا القرار رغم أنهم يعرفون واقع الفلاح المأساوي؟؟

وهل من المعقول أن نُحمّل الفلاح فوق كل المصائب التي انصبت على رأسه حملاً آخر بهذه الضريبة الجديدة التي تُضاف أيضاً على ضريبة التأخير، والتي هي على ما قبل 2009 وأيضاً 10%، أي في السنوات العجاف، وهو لا يستطيع تحصيل كلفة الإنتاج فكيف بالمعيشة الكريمة، بينما يُمنح من يُسمون مستثمرين وهم وهميون الإعفاءات الكبيرة؟؟

ألا تخلق مثل هذه القرارات بؤر توتر اجتماعي جديدة تسهم في خلخلة بنية المجتمع وتدفع باتجاه تفجيره كونها تخلق مزيداً من الآلام للمواطن المنتج!؟

ولعل الطامة الكبرى هي أنّ أغلب المسؤولين الكبار في الحكومة وفي مجالس المحافظات يتحدثون ليل نهار عن التنمية الزراعية، بينما ما يجري بعيد عن ذلك بُعد السماء عن الأرض..

إنّ إلغاء هذه الضريبة وإعفاء الفلاحين من غرامة التأخير، وإعفاءهم كذلك من أجور الري، وتقديم مستلزمات الإنتاج بكافة أنواعها، هو ما سيسهم في تطوير الزراعة وزيادة الإنتاج وتحسين المستوى المعيشي للفلاحين، وكل ذلك يصب في تقوية اقتصاد الوطن وزيادة منعته وتقوية صموده.. لذا فالمطلوب إعادة النظر في هذا القرار أو وقفه قبل أن يتحول بقية الفلاحين المتشبثين بالزراعة إلى مشردين على أطراف المدن ينتظرون الرحمة والإعانات وفرج السماء..

آخر تعديل على الإثنين, 28 تشرين2/نوفمبر 2016 21:48