فاتورة دعم الكهرباء.. ترتفع مع كل تصريح للوزير!

فاتورة دعم الكهرباء.. ترتفع مع كل تصريح للوزير!

لم تكاد تخبو أصوات المسؤولين الحكوميين القائلين بدعم المشتقات النفطية التي ارتفعت بنسب مهولة منذ عام حتى الآن، حتى يطل علينا وزير الكهرباء بسمفونية الدعم المعهودة، وبأرقام تفوق كل التوقعات، فهذا السلوك ليس بالجديد، بل على العكس تماماً

فمع استلام كل وزير جديد لحقيبة الكهرباء ترتفع فاتورة الدعم الافتراضية في تصريحات الوزير أتوماتيكياً، فالدعم وفاتورته المرهقة كما يقولون، كانت حاضرة بثقلها النظري في الموازنة العامة للدولة أيام الاستقرار، عندما كان الإنتاج المحلي كبيراً وكافياً، ويؤمن مدخلات عملية إنتاج الطاقة الكهربائية، وهي حاضرة الآن، ولم تختلف سوى الأعذار والتبريرات والأشخاص فقط..

دحض الادعاءات

في أحدث ما كشف عنه وزير الكهرباء، أن الدعم الحكومي لقطاع الكهرباء وصل إلى 600 مليار ليرة، ونحن لا نمتلك أرقاماً وإحصاءات خاصة تدحض تلك الأرقام وهذا الادعاء، وتحديداً في ظل التكتم الحكومة، وامتناعها عن إصدار وإعلان مجموعات إحصائية أو بيانات وتقارير بالواقع الاقتصادي، اختصاراً للنقاش. إلا أن ما بحوزتنا منطق يطرح عدداً من التساؤلات علها توضح صورة ما نود إيصاله، وليس الهدف من مقالنا هذا هو تكذيب تلك الأرقام، لأن فضح زيف الادعاء الحكومي هو ما اعتدنا على متابعته والكشف عنه، فكل المعطيات دون استثناء، تشير إلى انخفاض الطلب على الطاقة الكهربائية في سورية، والبعض يتحدث عن انخفاض الطلب على الطاقة بنحو 60%، فكيف سيرتفع الدعم أمام هذا الانخفاض على الطلب إذاً؟! وكيف يمكن التحدث عن زيادة فاتورة الدعم وساعات التقنين تغرق كل المحافظات السورية في الظلام لساعات طويلة،لا بل إن الكهرباء الغائب الأكبر عن محافظات سورية بأكملها، والتي لا تراها إلا لساعة واحدة طوال الأربع والعشرين ساعة، كمدينة حلب على سبيل المثال، ويفترض في هذا الغياب أن يكون له الأثر الكبير في تخفيض فاتورة الدعم لا العكس، خاصة وأن الأرقام الحكومية تشير إلى أن حصة القطاع المنزلي تزيد عن 50% من إجمالي استهلاك الطاقة الكهربائية في عموم البلاد..

إثبات إضافي

إذا لم يقتنع البعض بفرضية تراجع الاستهلاك المنزلي من الكهرباء ودوره في تخفيض الدعم، فإننا سنضع أمامه قطاعات أخرى قد تراجعت نسب استهلاكها من الكهرباء، وإثبات ذلك لا يحتاج إلى شواهد، فالقطاع الصناعي كان يستهلك 25% من إجمالي الطاقة الكهربائية، وهو من أهم القطاعات ومن أكثرها تأثراً بالأزمة الشاملة التي تعيشها البلاد، وهذا التأثر أدى لانخفاض استهلاك هذا القطاع من الكهرباء، وكذلك هو حال القطاع الزراعي الذي كان يستهلك 7% من إجمالي استهلاك الطاقة في سورية، فكيف سيرتفع استهلاك الكهرباء وجميع القطاعات دون استثناء قد تراجع استهلاكها من الطاقة الكهربائية؟! بدءاً من القطاع المنزلي إلى القطاع الصناعي والزراعي!!. فمن يستهلك الكهرباء إذاً؟! فالدعم الحكومي لهذا القطاع مرتبط بإنتاج واستهلاك الطاقة الكهربائية، إلا أن السوريين لم يلحظوا أي زيادة في الإنتاج أو الاستهلاك، وكل ما يسمعونه من وسائل الاعلام المحلية زيادة ساعات التقنين، والدعوات لترشيد الترشيد!!..

مفارقة غريبة!

في موازنة عام 2014، تم تخصيص 45 بالمئة من الموازنة لنفقات الدعم، والتي تقدر بنحو 615 مليار ليرة سورية، وهي تشمل دعم المشتقات النفطية والمواد التموينية والقطاع الكهربائي، ووفق حديث وزير الكهرباء عن الدعم الحكومي لقطاع الكهرباء (600 مليار ل.س)، فإن هذا يعني إما أن تلك القطاعات لا تتلقَ أي دعم حكومي، وبالتالي فإن الكهرباء هي القطاع الوحيد المدعوم حكومياً في هذه الحالة؟! أو أن نسلم بفرضية الدعم التي قدمها وزير الكهرباء، وفي هذه الحالة، فإن فاتورة الدعم الإجمالية ستتجاوز الـ 1000 مليار ل.س، وما يشكل 72% من إجمالي اعتمادات الموازنة العامة لعام 2014، وهذا غير واقعي، فمن نصدق في هذه الحالة حديث الوزير أم الموازنة العامة ونفقاتها إذا؟!..

«الحكي ما عليه جمرك»

في تصريح سابق لم يكن بالبعيد، أي في منتصف عام 2013، أكد وزير الكهرباء نفسه أن مجموع الدعم الذي تقدمه الدولة لجميع مشتركي الطاقة بمختلف شرائحها أكثر من 400 مليار ليرة سورية، أما الآن فإنه يتحدث عن الـ 600 مليار ل.س للدعم، فكيف ارتفع الدعم بنسبة 50% في نصف عام؟! وفي النصف الثاني الأقل استهلاكاً للطاقة، وما هي الأرضية والمعطيات التي تبني عليها الحكومة أرقام الدعم؟! وهل فاقد الطاقة الكهربائية يحتسب كجزء من الدعم؟! والخوف أن يبقي الوزير – إذا ما بقي في منصبه - على وتيرة تصريحاته، ليفوق الدعم حينها عن الـ 1000 مليار ل.س سنوياً في نهاية العام الحالي، فالكلام كما يقولون «ما عليه جمرك»، إلا أن الكلام الحكومي بالأرقام يتطلب الدقة، وهو ما افتقدناه مع الحكومات السابقة، ونفتقده مع الحكومة الحالية..