مالي والنيجر وبوركينا فاسو... نحو اتحاد مشترك
ملاذ سعد ملاذ سعد

مالي والنيجر وبوركينا فاسو... نحو اتحاد مشترك

تمضي النيجر ومالي وبوركينا فاسو باتجاه ثابت ومتسارع نحو التخلص من تبعات الاستعمار الغربي والفرنسي خصوصاً، وتأمين استقلالها وسيادتها عن الهيمنة الغربية، بدءاً من الانقلابات التي جرت وأطاحت بالحكومات التابعة، وصولاً للحديث عن اتحاد فيدرالي بين الدول الثلاث.

تدور بين الدول الأفريقية الثلاث أحاديث بعناوين ثلاثة: إنشاء عملة موحدة وشراكة اقتصادية، وتشكيل قوة عسكرية مشتركة من جيوش الدول، واتحاد الدول الثلاث بعضها مع بعض.
وتدل المؤشرات على أن دول النيجر ومالي وبوركينا فاسو تمضي جدياً نحو إنجاز هذه الأهداف، حيث أعلن قادة جيوش الدول الأفريقية الثلاث - من نيامي - عن تشكيل «قوة مشتركة» تهدف لمحاربة التنظيمات الإرهابية الموجودة والنشطة في هذه الدول، وقال رئيس أركان القوات المسلحة النيجرية موسى صلاح برمو عبر بيان صدر بعد اجتماع مع نظيريه المالي والبوركيني في نيامي: «القوة المشتركة لأعضاء تحالف دول الساحل [...] ستبدأ النشاط في أقرب وقت ممكن للتعامل مع التحديات الأمنية في منطقتنا [...] نحن مقتنعون بأنه من خلال الجهود المشتركة لبلداننا الثلاثة، سننجح في تهيئة الظروف للأمن المشترك» مؤكداً أن جيوش الدول الثلاث تمكنت من «تطوير مفهوم عملياتي... سيجعل من الممكن تحقيق الأهداف في ما يتعلق بالدفاع والأمن».
وفي الإطار السياسي والاقتصادي تتخذ الدول الثلاث خطوات مشتركة ومنسقة، كان من آخرها انسحابها من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس»، والتي عمدت إلى فرض عقوبات اقتصادية على كل من مالي والنيجر وبوركينا فاسو بعد الانقلابات العسكرية التي جرت فيها، بالإضافة إلى تشاد.
ليعلن رؤساء الدول الأفريقية الثلاث - في بيان لهم - انسحابهم من المجموعة بشكل فوري دون تأخير، معتبرين أن ذلك «قرار سيادي لهذه الدول» وأُرسل بلاغ رسمي بهذا الأمر إلى مجموعة «إيكواس» التي اعتبرت أن الانسحاب لا يتوافق مع قواعد الخروج المتفق عليها في المجموعة، والتي تتطلب إخطاراً بالخروج قبل عام واحد.
واعتبر رئيس وزراء بوركينا فاسو أبولينا كيلبم، أن مجموعة إيكواس يستخدمها «إمبرياليّون» معتبراً أنها «أصبحت أداة لتنفيذ أوامر الدول الإمبريالية وخاصة فرنسا» منتقداً «سعي المجموعة للحفاظ على مصالح ونفوذ الغرب في القارة الأفريقية».
ويبدو أن مجموعة إيكواس باتت تسعى لتخفيف حدة الأجواء بينها وبين الدول الثلاث، وربما دفعها للعدول عن موقفها عبر إعلانها رفعَ بعض العقوبات عن النيجر وغينيا وتخفيفَ بعضٍ منها عن مالي.
تدل هذه المؤشرات على سعي هذه الدول الأفريقية إلى تحقيق هدفها الأكبر باتحاد البلاد، وفي العموم فإن كل ما تقدم عليه هذه الدول يتناقض مباشرة مع المصالح الغربية والأمريكية في أفريقيا ويقلل من هيمنتها ونفوذها هناك ويقوضها. وأكثر من ذلك، أن هذا التناقض والتقويض يجري في مقابله تحسين وتوطيد للعلاقات مع الشرق وروسيا خصوصاً، فمثالاً على ذلك إشادة وزير خارجية مالي عبد الله ديوب أواخر الشهر الماضي بما اعتبره «تقدماً كبيراً» حققته مالي في مجال الأمن بفضل الدعم الروسي لها، وجاء ذلك خلال لقائه نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، وتأكيده التزام بلاده بتعزيز العلاقات الثنائية والاستراتيجية.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1165