انتخابات تايوان والاستفزاز المستمر
حمزة طحان حمزة طحان

انتخابات تايوان والاستفزاز المستمر

أقامت تايوان انتخابات برلمانية ورئاسية في الـ 13 من الشهر الجاري، أفضت إلى فوز المرشح عن الحزب الديمقراطي التقدمي لاي تشينغ تي الداعي لاستقلال تايوان عن الصين، وخسارة منافسه هو يو إيه عن حزب الكومينتانغ.

تعد تايوان نقطة من أكثر النقاط حساسيةً في العالم خلال الوقت الراهن، فاشتعالها يعني مواجهة عسكرية مباشرة بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية، ومن خلفهما مجموعة دول أخرى.
لا تعارض الصين من حيث المبدأ وجود نوع من الإدارة الذاتية لتايوان، طالما أنها تنسجم مع مبدأ الصين الواحدة، بينما تشدد وتؤكد على الدوام معارضتها ومحاربتها أي نزعات انفصالية موجودة، أو ستوجد في الجزيرة.
بدورها، تؤكد الولايات المتحدة الأمريكية بأقوالها وتصريحاتها على الدوام، التزامها بمبدأ الصين الواحدة، واعتبار تايوان جزءاً من الصين، إلا أنها بالجوانب العملية تتعامل مع تايوان على اعتبارها مستقلة، سواء بالعلاقات والاتفاقات السياسية أو الاقتصادية أو الدبلوماسية وأكثرها استفزازاً بالنسبة للصين الأمنية والعسكرية من توريد وبيع الأسلحة لتايوان، وبذلك تدعم واشنطن النزعة الانفصالية داخل تايوان بالطرق الناعمة.
من جهة أخرى، لم تغيّر هذه الانتخابات بعينها شيئاً يذكر فيما يتعلق بوضع تايوان عموماً، فمسألة الانفصال كانت مطروحة وموجودة قبل لاي تشينغ تي، وتعد هذه المسألة بإطار الصراع بين بكين وواشنطن وليس القوى الموجودة في تايوان نفسها، وبالنسبة للصين، إعلان انفصال سيعني دخول الجيش إلى الجزيرة واستعادتها بالقوة إن لزم الأمر، وفي هذا السياق يتعين على الولايات المتحدة «الدفاع» عن حلفائها، مما يعني صداماً عسكرياً مباشراً لا يبدو أن واشنطن قادرة على المغامرة به الآن أو مستقبلاً.
بالمعنى العملي، وبعد انتهاء الصدى السياسي وآثاره للانتخابات بين مهنئين ومعارضين وردود بكين على كل منهم، ستراقب الصين السياسة الداخلية والخارجية للحكومة الجديدة في تايوان، وعلى قدر الاستفزاز سيكون الرد الصيني جاهزاً سياسياً واقتصادياً وأمنياً وعسكرياً للحدّ من احتمالات التهور والمضي نحو اعلان انفصال، ففي نهاية المطاف لا مصلحة للصين أيضاً بحدوث صراع مسلح طالما أمكن ذلك.
تدل المؤشرات، واستناداً للوقائع وللتجارب السابقة، أن ما سيجري هو زيادة حدة وتدهور التوترات بين العلاقات الصينية التايوانية، والصينية الأمريكية، بشكل مستمر بالجوانب السياسية والدبلوماسية، أما الأكثر تأثيراً وحساسية في الوقت الراهن، فهي التحديات حول مضيق تايوان وحركة التجارة فيه والتواجد العسكري حوله.. لكن لا يمكن إغفال أنه وبالتوازي مع التوتر خلال الفترات المقبلة، هناك تراجع أمريكي وأزمة غربية عامة تتفاعل وتتوسع، ستؤدي لإضعاف الغربيين عموماً أكثر، وبالتالي موقف ووزن الانفصاليين في تايوان بالمحصلة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1158