تصعيد سياسي كبير في العراق وطروحات جديدة بالتغيير

تصعيد سياسي كبير في العراق وطروحات جديدة بالتغيير

توترت المجريات السياسية في العراق بدرجة أكبر خلال الأسبوع الماضي مع خروج جمهور «الإطار التنسيقي» للاحتجاج في يوم الاثنين من الأسبوع الماضي، محاولين دخول المنطقة الخضراء التي يتواجد بها محتجو التيار الصدري، بما هدد بوقوع مواجهات وتداعيات خطيرة للأحداث.

صدّ وردّ بين التنسيقي والصدر

أصدر الإطار التنسيقي بياناً في يوم الأحد 31 تموز جاء فيه «ندعو أبناء شعبنا العراقي بكافة أطيافه وفعالياتهم العشائرية والأكاديمية والثقافية، إلى أن يهبوا للتظاهر سلمياً للدفاع عن دولتهم... فكونوا على العهد والوعد، وهيهات منا الذلة. موعدنا غدا الساعة الخامسة عصراً على أسوار الخضراء».
بدوره أصدر قائد التيار الصدري مقتدى الصدر بياناً في اليوم نفسه «الثورة العفوية السلمية التي حررت المنطقة الخضراء كمرحلة أولى لهي الفرصة الذهبية لكل من اكتوى من الشعب بنار الظلم والإرهاب والفساد والاحتلال والتبعية» معتبراً ما يجري «فرصة عظيمة لتغيير جذري للنظام السياسي والدستور والانتخابات، التي إن زورت لصالح الدولة العميقة باتت أفضل انتخابات حرة ونزيهة، وإن كانت نزيهة وأزاحت الفاسدين باتت مزورة تنهشها أيادي الفاسدين».
ليصف «الإطار التنسيقي» بيان الصدر السابق بأنه «انقلاب على الشعب والدولة» مبادراً ضمن بيانه التصعيدي أساساً إلى الحوار مع التيار الصدري، كما دعا رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي إلى مبادرة لعقد مؤتمر «للحوار الوطني لإنهاء الأزمة في البلاد» وهو ما وافقه عليه مجموعة من السياسيين من بينهم تيار الحكمة الوطني برئاسة عمار الحكيم.
كما قام «الإطار التنسيقي» بتفويض رئيس تحالف الفتح هادي العامري للتفاوض مع التيار الصدري.

لا حوار.. حلّ البرلمان
وانتخابات مبكرة

دعت «قوى التغيير الديمقراطية» العراقية في الثاني من الشهر الجاري إلى حلّ مجلس النواب و«تشكيل حكومة تحظى بقبول سياسي وشعبي، وتكون مهمتها الشروع في اتخاذ خطوات عملية على طريق التغيير» وهي من وجهة نظرهم: محاسبة قتلة المتظاهرين، وتحريك ملفات الفساد الكبرى، وحصر السلاح بيد الدولة وتحسين معيشة المواطنين.
في اليوم التالي، 3 آب، دعا مقتدى الصدر إلى حل مجلس النواب تماماً وإجراء انتخابات مبكرة، وقال خلال كلمته «لو كنت أريد السلطة لما سحبت 73 نائباً من مجلس النواب. هذا ليس صراعاً على السلطة، ولم أقرر بعد الدخول في الانتخابات الجديدة، وما عودتي إلى الانتخابات الأخيرة إلا لسن قانون تجريم التطبيع» وحول الحوار قال «لا فائدة ترتجى من ذلك الحوار، خصوصاً بعد أن قال الشعب كلمته».
ليفتح الصدر بذلك باباً لجدل واسع حول دعوته، والتي وافقه على الجزء الأخير منها كل من رئيس تحالف الفتح هادي العامري، والإطار التنسيقي، ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، بينما لم يوافق نوري المالكي على ذلك معتبراً أنه يجب الاحتكام للدستور.
لكن من الملفت، أن جميع الموافقات السابقة كانت تتعلق بالانتخابات المبكرة، بينما لم يصدر موقف واضح من تلك القوى حول حل البرلمان بالمرحلة الراهنة، ثم يكون السؤال: ما المتغير الجديد الذي قد يجري بالانتخابات المبكرة عن سابقتها؟
ليبدو أن ما يجري من تحركات سياسية وجماهيرية تصعيدية تمثل مناورات واستعراض قوة من مختلف الأطراف للتأثير على موازين القوى داخل العراق، في محاولات تثبيت معادلات جديدة يرتفع بها التيار الصدري إلى درجة أعلى بعد سيطرة متظاهريه على المنطقة الخضراء ومحيط مجلس النواب، ثم تنفيذ انتخابات مبكرة دون حوار.. لكن وبسبب ذلك نفسه، يظهر التيار الصدري سياسياً أضعف مما يمتلكه من جمهور وامتداد شعبي، حيث تبقى خطة التغيير لديه مبهمة وغير واضحة بعد، وتخضع للمتغيرات والصراعات اللحظية والآنية فقط.

طروحات جديدة للتغيير؟

من جهة أخرى، أصدر تحالف «من أجل الشعب» بياناً- المكون من حراكيي «الجيل الجديد» و«امتداد» الموجودين في إقليم كردستان بشكل رئيسي- يدعو به العراقيين إلى «تبني خارطة طريق» مكونة من مجموعة نقاط، منها بشكل معدل للاختصار: 1- تشكيل حكومة انتقالية مصغرة من وزراء مستقلين لمدة عام واحد، ثم حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة، وتكون مهمتها التحضير للانتخابات العامة. 2- تشكيل لجنة عليا لتعديل الدستور بما يتلاءم مع طموحات الشعب والمرحلة الحالية على أن ينتهي عملها خلال عمر الحكومة الانتقالية، وعرض التعديلات على الشعب للاستفتاء، بالتزامن مع إجراء الانتخابات العامة. 3- تمارس الأمم المتحدة دورها الإشرافي والرقابي على الانتخابات بأخذ ضمانات من كل الأحزاب المشاركة فيها بقبول النتائج. 4- محاسبة الفاسدين والقتلة وإعادة الأموال المسروقة. 5- تفعيل قانون الأحزاب وتحديد مصادر التمويل بما يتيح للدولة مراقبة مصادر تمويل الأحزاب بشكل دقيق. 6- جمع السلاح المنفلت ضمن آلية تضعها الحكومة. وغيرها.
تفتح خارطة الطريق هذه الباب لمجموعة من التساؤلات، مثل: كيفية تشكيل هذه الحكومة الانتقالية المصغرة؟ ومن ستضم لجنة تعديل الدستور؟ وهل ستضمن تمثيل كافة شرائح الشعب العراقي ضمنها؟ وبقيادة من سيكون جهاز الدولة عملياً لمراقبة مصادر التمويل؟
يحتاج العراق في هذه اللحظة إلى خارطة طريق وطنية حقيقية تقوم على خطوات محددة وعملية، ومن الضروري أن تستهدف هذه الخارطة تغيير دستور المحاصصة المفروض أمريكياً منذ قرابة العقدين على العراق، وهو ما يغيب طرحه جدياً عن معظم القوى السياسية العراقية حتى اللحظة.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1082