الوجود الصهيوني مسألة وقت.. والفلسطينيون يسابقون الزمن
ملاذ سعد ملاذ سعد

الوجود الصهيوني مسألة وقت.. والفلسطينيون يسابقون الزمن

يكبر المشهد الفلسطيني يوماً تلو آخر مع استمرار عمليات المقاومة الشعبية للاحتلال الصهيوني، وردود فعل الأخير الانتقامية على ما يجري، من الاعتقالات إلى الإغلاقات والاعتداءات في كل مكان من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

المسجد الأقصى

الحدث الأبرز خلال الأسبوع الماضي كان قيام قوات الاحتلال الإسرائيلية والمستوطنين الصهاينة بالاعتداء بشكل عنيف على الفلسطينيين في ساحات المسجد الأقصى والمصلين داخله، بالرصاص المطاطي والقنابل الصوتية والغازية، سواء في الساحات أو داخل المسجد نفسه، والذي كان ضحيته أكثر من 117 فلسطينياً مصاباً سُجلوا في المستشفى الميداني الذي أقيم في ساحة المسجد، ونقل 59 مصاباً إلى مستشفيات القدس، وذلك فضلاً عن تحطيم نوافذ المسجد نفسه بشكل متعمد. وجاء ذلك وسط أنباء تفيد أن متطرفين يهود بعتزمون ذبح «قربان» داخل المسجد الأقصى خلال عيد الفصح اليهودي، الذي يوافق هذا العام أواسط شهر رمضان، مما أنتج بدوره ردود فعل عديدة من الشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، وصولاً للتهديد بمعركة ثانية من «سيف القدس». حيث أصدرت حركة الجهاد الإسلامي بياناً جاء فيه «نستنفر أبناء الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده للاشتباك مع الاحتلال وشد الرحال إلى المسجد الأقصى المبارك» كما أعلنت الفصائل الفلسطينية في غزة التعبئة العامة.
إن التهديدات السابقة والتعبئة وغيرها لا تتعلق بالـ «قربان» وحده بالطبع، وإنما بمجمل التحركات «الصهيونية» الاستفزازية واعتداءاتهم في كل الأراضي الفلسطينية من الضفة الغربية إلى القدس إلى قطاع غزة... فنذكر قبيل أحداث المسجد الأقصى أن قامت القوات الصهيونية بحملة اعتقالات يوم الخميس في الضفة الغربية واعتقلت منها 13 فلسطينياً، ثم قررت فرض طوق أمني كامل على الضفة وقطاع غزة وإغلاقهما لمدة 32 ساعة بذريعة تأمين الأعياد اليهودية، وفي اليوم نفسه استشهد شابان فلسطينيان خلال اشتباكات في منطقة كفر دان بمخيم جنين.

عمليات المقاومة

تأتي ردود الفعل «الإسرائيلية» التصعيدية إثر عمليات المقاومة شبه اليومية في مختلف أماكن البلاد، وأهمها: ما جرى في داخل تل أبيب بإطلاق النار في عدة أماكن فيها، وإصابة مستوطنَين، وفي الـ 11 من الشهر الجاري كان هناك شهيدتان فلسطينيتان، قامت إحداهن مها كاظم عوض 24 عاماً بطعن ضابطٍ صهيوني في مدينة الخليل، والشهيدة الثانية غادة سباتين التي قتلت قرب بيت لحم بمزاعم الاشتباه بأنها ستقوم بتنفيذ عملية طعن، وفي يوم الجمعة أحصت «شبكة القدس» 35 نقطة مواجهة ما بين الفلسطينيين وجيش الاحتلال في الضفة الغربية ومدينة القدس، وباليوم نفسه أقدمت طفلة فلسطينية تبلغ من عمرها 15 عاماً بطعن مستوطنٍ صهيونيٍ في مدينة حيفا.

السلطة الفلسطينية

مع تزايد التصعيد الصهيوني على الفلسطينيين، واقتحامهم عدة مدن فلسطينية، واجهت سلطة أوسلو مجدداً انتقادات عديدة ومتزايدة إثر عدم إصدارها أوامر لقواتها الأمنية بالاشتباك مع جنود الاحتلال، فضلاً عن اتهامات بأن مقتل واعتقال بعض المقاومين على أيدي قوات الاحتلال خلال الأسابيع الماضية كان نتيجة مباشرة لـ «التنسيق الأمني» نفسه من جهة أخرى... وتبرز الأحداث الأخيرة أن لـ «إسرائيل» المصلحة المباشرة والوحيدة ببقاء سلطة أوسلو واستمرار التنسيق الأمني من أجل قمع ومحاصرة واعتقال الفلسطينيين المقاومين وإعاقة نشاطهم قدر المستطاع، إلا أن التطورات المتسارعة تهدد بشكل أكبر إمكانية استمرار هذه السلطة في الوجود.
انتقادات دولية..

ونزاع «لم تتم تسويته»

فرض الحراك الفلسطيني نفسه على الجميع رغم أصداء الوضع الأوكراني دولياً، حيث وجهت العديد من الدول تصريحات وبيانات ضد الانتهاكات الصهيونية في القدس والمسجد الأقصى، وتدعو لوقفها، منها: الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ومنها ما يتعلق بالدول المطبعة نفسها، حيث أعلن المغرب مثلاً عن إدانته واستنكاره لهذا الأمر، وذلك بعدما قام المئات من المغربيين بالاحتجاج أمام برلمان بلادهم تنديداً بما جرى في القدس، حاملين شعارات مناهضة للتطبيع بأن «فلسطين أمانة والتطبيع خيانة».
وقامت موسكو بتوجيه انتقادات لـ «إسرائيل» بعد تصريحات الأخيرة عبر وزير خارجيتها يائير لابيد الداعية لتعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، وقالت وزارة الخارجية الروسية عبر بيان لها: إن تصريحات لابيد تمثل «محاولة شبه مكشوفة لاستغلال الوضع حول أوكرانيا بغية صرف انتباه المجتمع الدولي عن النزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، الذي يعد من أقدم النزاعات التي لم تتم تسويتها» واتهمتها بـ «مخالفة قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة من خلال مواصلة الاحتلال غير القانوني والضم الزاحف لأراضي الفلسطينيين» وأن من «الجدير بالذكر أن إسرائيل تمارس نهجها القاضي بمواصلة أطول احتلال في تاريخ العالم ما بعد الحرب العالمية الثانية، بالتغاضي الصامت من قبل الدول الغربية الرائدة وبالدعم الفعلي من قبل الولايات المتحدة».
ليلخص هذا البيان ويذكّر بالموقف الروسي من الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية على اعتباره «أطول احتلال في تاريخ العالم ما بعد الحرب العالمية الثانية» و«من أقدم النزاعات التي لم تتم تسويتها»، ويحمل هذا البيان أهمية خاصة خلال المنعطف التاريخي الجاري من تثبيت موازين القوى الدولية الجديدة و«تدمير نظام القطب الواحد»، أي وبمعنى آخر، فإن الملف الفلسطيني وبخصوصيته يندرج جنباً إلى جنب مع بقية الملفات الدولية الأخرى كسورية وليبيا واليمن وغيرها، والتي جرى تجميدها غربياً وإعاقة حلها مما أبقى على حالة التوتر الدائمة في المنطقة.
ويأتي هذا الأمر بالتوازي مع اشتداد الأزمة السياسية داخل الكيان الصهيوني نفسه، بعد أن بدأت المؤشرات الجدية على وجود خلل في الحكومة الحالية التي فقدت الأغلبية مؤخراً في الكنيست الذي قد يجري حله ليتجه الكيان إلى انتخابات جديدة، ما لم يتم احتواء الأزمة المشتدة في داخله.
التحركات الفلسطينية الأخيرة، تؤكد مجدداً أن الشعب الفلسطيني يؤكد تمسكه بكل الوسائل المشروعة لتحرير بلاده سواء السياسية أو العسكرية منها، مما يعني تعاظم التناقض بين أبناء فلسطين المحتلة وسلطة أوسلو والذي سيقود في نهاية المطاف إلى صدام شامل لن تكون نتائجه في مصلحة الكيان.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1066