ليبيا: حكومتا وحدة وطنية لتهديد الوحدة مجدداً
ملاذ سعد ملاذ سعد

ليبيا: حكومتا وحدة وطنية لتهديد الوحدة مجدداً

تتجه ليبيا نحو تعمّق أزمتها مجدداً مع فشل الانتخابات السابقة، لتبدأ مختلف القوى السياسية بالصراع مرة أخرى بدءاً من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، وصولاً إلى الانتخابات، ومروراً بإخراج القوى الأجنبية من البلاد.

لقد أعربت الأمم المتحدة إثر هذه التطورات الأخيرة عن عدم رضاها عمّا يجري، واصفةً، أن الأمور «تسير في اتجاه معاكس» وفقاً لتصريحٍ من المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، وهو وصف صحيح إلى حد ما، فقد عاد كل من القادة السياسيين والعسكريين الليبييين إلى مواقعهم السابقة عن ترشحهم للانتخابات، ورافق ذلك موجة تصعيد سياسي جديد فيما بينهم.

باشاغا والدبيبة

من بين القضايا الحساسة التي يجري الجدل حولها، هي شرعية حكومة الوحدة الوطنية الحالية برئاسة عبد الحميد الدبيبة واستبدالها بأخرى. فقد انتخب وأقر مجلس النواب الليبي برئاسة عقيلة صالح وزير الدفاع الأسبق فتحي باشاغا رئيساً جديداً للحكومة وكُلف بتشكيلها، وقد جاء ذلك بالتوازي مع إعلان صالح تصويت المجلس بالأغلبية على تعديل دستوري يمدد بموجبه عمل البرلمان سنة و4 أشهر كحدٍ أدنى، وقد رفض عبد الحميد الدبيبة التنحي عن منصبة لأسباب عديدة مختلفة، سواء كانت سياسية أو قانونية.
وقد وصل التصعيد بين الأطراف لدرجة العنف، حيث تعرض عبد الحميد الدبيبة لمحاولة اغتيال فاشلة، وقال بعدها: إن البرلمان الليبي «خرج عن خارطة طريق اتفاق جنيف»، وبدأت تنقسم الأطراف والمناطق الليبية بين الطرفين، حيث أعلنت بنغازي دعمها لحكومة باشاغا ودافع المجلس الأعلى للدولة الليبية عن قرار مجلس النواب، وفي المقابل، أعلنت عدة وسائل إعلام ليبية عن دخول تشكيلات مسلحة من مدينة مصراته والخمس وزليتن إلى العاصمة طرابلس دعماً لرئيس حكومة الوحدة الوطنية الحالي عبد الحميد الدبيبة، وكانت وصفت هذه التشكيلات قرار مجلس النواب بأنه «مهزلة سياسية» في الوقت الذي يعتبر فيه الدبيبة أن صلاحية حل الحكومة الليبية والإقرار بأخرى جديدة تجري من المجلس الرئاسي فقط، وفي إطار التصعيد دعا الدبيبة مناصريه للتظاهر يوم الـ 17 من الشهر الجاري من أجل إسقاط مجلس النواب الليبي.
ومن بين الأمور التي يجري التحذير منها إثر الوضع القائم، هو نشوء ما يسمى بازدواجية سلطة عبر وجود حكومتين ليبيتين، واحدة برئاسة الدبيبة الذي يرفض التسليم، وأخرى برئاسة باشاغا الذي تعهد بتشكيل حكومة وحدة وطنية شاملة بالتعاون مع مجلسي النواب والدولة.

التواجد العسكري الأجنبي

على المستوى العسكري، لا يوجد تقدم في مسألة استمرار تواجد قوى ومرتزقة أجانب في البلاد، مما يعني: أن هذا الجانب الآخر يدفع نحو مزيد من التأزم والتراجع ما لم يجرّ حله سريعاً، وخاصة من الجانب التركي الأكثر تشدداً في مسألة الخروج، والذي يعزز من حالة التصاعد الجاري عبر تصريحاته، والتي كان من آخرها إعلان المتحدثة باسم وزارة الدفاع التركية بنار قارا: أن تركيا دربت 8 آلاف و500 عنصر من القوات المسلحة الليبية، وأن «1500 عنصر من القوات المسلحة الليبية لا زالوا يتلقون التدريبات في تركيا» وتابعت: «إذا كان هناك تطور باسم الاستقرار في ليبيا وانطلاق العملية السياسية فيها، فإن ذلك أصبح ممكنا بمساهمات تركيا، والمسؤولون الليبيون يؤكدون ذلك» وكان التصريح الأكثر إشكاليةً: أن «تركيا ستواصل تقديم الدعم لأشقائها الليبيين في قضيتهم العادلة لتحقيق الاستقرار في البلاد، وصياغة دستور لها، وإجراء انتخابات حرة فيها».. مما أوجد ردود فعل حادة من الشعب الليبي والقوى السياسية، وفقاً لما فسروه بأنه تأكيد تركي على استمرار تواجده، بل والتدخل بالدستور والانتخابات التشريعية والرئاسية.
وفي المقابل، صرح وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك: أن لا حلول عسكرية للأزمة الليبية.
وتتابع اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 عملها بالتعاون مع الأمم المتحدة لمتابعة تنفيذ وقف إطلاق النار، والوصول إلى توافقات لإخراج القوى الأجنبية من البلاد.
من غير الواضح بعد ما ستكون عليه مآلات الصراع الليبي، إلا أن المؤشرات الجارية تدل على وجود حملة تصعيد مؤقتة، تهدف إلى نسف كل التقدم السابق في إطار الحل السياسي والعمل بعقلية الحسم العسكري، وهو ما لن ينجح ولن تسمح به التوازنات الدولية في نهاية المطاف.

معلومات إضافية

العدد رقم:
1057